عندما كان الكتاب والصحافيون يطالبون بضرورة التنبه لآليات جمع التبرعات والأعمال الخيرية، وضرورة مأسسة العمل الخيري، ومراقبة طرق جمع الأموال وأوجه صرفها، كان الصمت المقابل يستر «بلاوي» لا يعلم بها إلا الله، حتى أجبرنا على الخلود إلى النوم فنمنا، وبعد أن استغرقنا في نوم عميق لسنوات طويلة، صحونا منها على فاجعة 11 سبتمبر وما عقبها من كوارث على الأمة خسرنا جراءها بلدين وآلاف الأبرياء الذين فقدوا أرواحهم دونما ذنب جنوه، وفقدنا صورة تسامح ديني نجاهد منذ عقد من الزمان لتصحيحها أمام العالم ولا نزال نحاول، وعادت المطالبات، فخرج علينا من ينتقدها ويتهم أصحابها بأنهم تغريبيون استسلاميون رويبضة يحاولون إغلاق أبواب الخير، وعدنا لنغط في سبات عميق، وصمتنا عن أموال التبرعات وآلية جمعها وأوجه صرفها مجددا، وها نحن نصحو من جديد على فواجع اختلاسات من جمعيات خيرية، وسرقات بالملايين، وحفلات باذخة، وقيمون على هذه الجمعيات يدفعون مرتبات سواقيهم وشغالات زوجاتهم في بيوتهم من أموال الفقراء، وآخرون يحولونها لحسابات شركاتهم الخاصة دون رادع أو وازع أو ضمير، ونبقى كما نحن ننام.. ننام، ونصحو على فاجعة، ثم ننام.. ننام، لنصحو على فواجع أخرى، والمنتقدون التخديريون لا يملون هجومهم المشبوه دفاعا عن شر يتستر بعباءة الخير. وعندما كنا نتداول في المجالس ما يحدث في البلديات والأمانات من استغلال البعض لمواقعهم لتملك أراضي المنح، وننتقد ما يحدث تحت طاولات الموظفين، ونرى ونسمع عمن يبحثون عن واسطات في البلديات ليطبقوا لهم أراضي المنح في مواقع حساسة لا يقدر على تطبيقها سوى سلطة المناصب أو سلطة المال، وكنا نخلص إلى نتائج «إدهن السير» و«إمسك لي واقطع لك» و«إنت ارفع وأنا أكبس» و«يا بخت من نفع واستنفع»، نمنا لسنوات طويلة وصحونا على فاجعة جدة، وعلى وافدين تبوأوا مناصب عليا بمرتبات فلكية يحلم بربعها كفاءات وطنية عاطلة ومعطلة عن العمل، و«بلاوي لها أول ما لها آخر»، وتجاوزت ذلك، حتى عثرنا في قبو منزل كاتب عدل على 40 مليون ريال مخبأة، والفقراء فقراء كما هم، وهؤلاء طاروا فوق الريح دون رادع أو وازع أو ضمير، ونبقى كما نحن ننام.. ننام.. ونصحو على فاجعة.. ثم ننام.. ننام لنصحو على فواجع أخرى، والمنتقدون التخديريون لا يملون هجومهم المشبوه دفاعا عن شر يتستر بعباءة الخير. وعندما كان الصحويون يتغلغلون بيننا مرتدين عباءة الصلاح والتقوى وينظمون صفوفهم سرا ويغسلون أدمغة وعقول أبنائنا، كنا نغط في سبات عميق وتركناهم يكبرون، ثم صحونا على فواجع الإرهاب والقتل والجهاد الذي انتكس ووجه فوهات البنادق والرشاشات إلى صدورنا وفخخ السيارات وارتدى الأحزمة الناسفة وفجرها في أجسادنا وقلوبنا، وعندما صحونا لننتقد ونهاجم شخوص الصحوة السيئين وشيوخ فتاواها المحرضة على قتلنا باسم الجهاد ونصرة الدين، خرج علينا المدافعون عنها وكالوا لنا التهم والشتائم وكفرونا وأخرجونا من الملة دون رادع أو وازع أو ضمير، ونبقى كما نحن ننام.. ننام، ونصحو على فاجعة، ثم ننام.. ننام، لنصحو على فواجع أخرى، والمنتقدون التخديريون لا يملون هجومهم المشبوه دفاعا عن شر يتستر بعباءة الخير. هذه مجرد نماذج من نماذج كثيرة عن مساوئ نوم مجتمعنا عن بعض ما لا يجب أن ننام عنه، ونماذج عن فواجع صحونا عليها بعد سبات عميق، ونماذج عن نوم آخر بعد الاستيقاظ مارسناها خلال الثلاثين سنة الماضية. ويبقى السؤال: متى نتعلم أن ننام في الوقت المناسب.. وأن نصحو في الوقت المناسب.. وأن نوقت المنبه المناسب ليدق الجرس ليس قبل موعده.. وليس بعد فوات الآوان؟ [email protected] للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 176 مسافة ثم الرسالة