حقا أن المجتمع مملوء بالمشكلات، وحقا أنها مشكلات تحتاج إلى من يسلط الضوء عليها ويوجه إلى معالجتها، ولكن أن يجتمع غالبية الكتاب على النواح والصراخ حولها بصورة مستمرة دائمة التكرار، جعل من يقرأ الصحف يصاب باكتئاب وتخيم غمامة سوداء أمام بصره، فهو أينما تنقلت عينه على الصفحات لايجد سوى غبار ورماد. حين تفتح الصحف المحلية تجدها في الغالب تعج بالكتاب اليوميين والأسبوعيين ونصف الأسبوعيين، فنسبة عدد كتاب الرأي في كثير من الصحف تفوق نسبة التقارير والتحليلات. وهم برغم أن كلا منهم، على تنوع خلفياتهم، يجتهد في اختيار مقاله ويحرص على أن يكون له معنى ومغنى، إلا أنهم غالبا يجتمعون في مقالاتهم كل صباح حول قضية اجتماعية مؤسفة وبائسة، أو خطأ أو فساد أو ما شابه ذلك من الصور الرديئة التي يتكرر وقوعها في المجتمع ليفسد لحياة فيه ويشوبها بالقبح. وقد تطرب تلك المقالات بعض الضحايا المجندلين برماح تلك المشكلات، فيصفقون بحماسة لما يقرأون ويزدادون قربا من الصحيفة والكاتب لما يمدهم به من تنفيس عن ضيقهم، لكن الكتاب ينسون أحيانا أو ربما يتجاهلون أن تلك المقالات التي يسطرونها بدمع أعينهم هي في بعض الأحيان لا تقوم بدور أكبر مما تقوم به (النائحة)، التي مهما اجتهدت في نواحها وتفننت في أساليبه، لن تقدر على إعادة الحياة إلى من سلبت منه. وفي ظني أن القراء ليسوا جميعهم مصابين بأذى ما في المجتمع من مساوئ، كي يتفاعلوا براحة مع النواح المستمر ومن حقهم على الكتاب أن يجدوا في الصحيفة ما يؤنس نفوسهم مع إشراقة شمس كل يوم جديد. وأحسب القارئ يمتعه أن يبدأ صباحه بقصة لطيفة تبث التفاؤل في يومه، أو حديث جذاب عن فكرة عامة يشغل ذهنه بالتفكير حولها، أو أبيات عذبة تمده بباقة من إثارة العواطف الجميلة تعينه على مقاومة مشاق نهار العمل الطويل. فالحياة ليست كلها نكد ومشكلات، وحتى إن كانت كذلك، لم لا نجرب أن نعطي القارئ فرصة للهرب منها؟. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة