بعيدا عن الكلام الذي أصابكم بالملل، إذ لا يمر يوم لا تسمعون فيه لطما وعويلا عن التناحر العربي، وعن التشدق والمطالبة بالوحدة العربية، فشل تحقيق الحلم العربي على كافة الأصعدة عدا صعيد أغنية واحدة أسموها «الحلم العربي» وهي شبه دليل على أن لم الشمل العربي قدره أن يظل حلما معلقا. تستغرب كيف أن أوروبا دول لا يجمعها دين ولا لغة ولا شيء آخر، عندما قررت أن تتضامن منذ اليوم الثاني لقرارهم بالاتحاد، لا تجد عسكريا واحدا في مكاتب الجوازات على الحدود بينهم، تشعر وأنت تشاهد الحدود بينهم بأنك أمام شيء يشبه الخيال بالنسبة لك، إذ إنك لم تعتد أن تمر حدودا بين دولتين عربيتين دون أن تتعطل لساعات. أعرف أن ما قلته بايت وبلا طعم، لكنها حرقة في القلب دائما ما تتجدد مع المواقف التناحرية العربية المتجددة التي تظهر لنا كل يوم بأشكال مبتدعة من أحقاد لا يفهم أسبابها أحد غيرنا. قبل أيام نشرت صور لمشجع يرفع العلم المصري بين الجماهير الجزائرية في المونديال، تم ضرب الرجل وأخذ العلم منه، جميع الجماهير الأخرى غير العربية لم تفهم أبدا أسباب ضرب هذا الرجل، لأنها لا تجد الضرب مسموحا تحت أي ظرف؛ لأنه في ثقافتها لكل إنسان الحق في أن يقول ما يريد ويرفع أي علم يريد ولا يحق لأحد ضربه، الفيفا عندما اختارت بلدا محايدا اختارته عربيا، وعندما قررت أن تختار حكاما عربا للمباراة لم تجد أي حكم عربي يستطيع أن يجازف بنفسه واسم بلده في هجوم عارم سيتعرض له من البلد الخاسر، لم تتفهم أسباب اعتذار الحكم العربي عن تحكيم مباراة بين بلدين عربيين، ليس لأن الفيفا لا تفهم في السياسة، فهي صاحب الخبرة التي تعلم أن كرة القدم قد تسببت في حرب بين بلدين، لكنها رغم كل خبرتها وفهمها العميق بأن ثقافة الشعوب تأتي كرة القدم في مقدمتها لم تستطع أن تجد مبررا لتناحر عربي بين بلدين سببه أن فريقا فاز على الآخر!. [email protected]