وهنا لا أعني المنتفخين جسدا مثلي، بل المنتفخة أنفسهم كبرا وغرورا، وأتمنى أن أكون مخطئا ألف مرة إذا قلت إن الأمر في مجتمعنا زاد عن حده، ما يدفعني أن أكتب هذه السطور في هذه المساحة التي هي حق للقارئ. استفزتني شكوى قارئ وموقف آخر شعرت إلى أي حد مجتمعنا تخدش جسده أشواك الممارسات السلبية، وللأسف ليته يقتصر على اقتناء سيارة فاخرة أو شاب اغتنى فجأة، فالمصيبة في رأيي هي تكبر بعض المسؤولين؛ إما مع الموظفين أو المراجعين أو حتى مع الصحافيين في محافل يفترض أن يتحدثوا عن معلومات ينقلها رجال الإعلام إلى الناس. الأمر من ذلك أن يظهر على السطح رجال دين أعمت الشهرة بصائرهم إلى درجة مخيفة من الغرور والتعالي ومخاطبة الناس بجفاف لا يمت إلى الجدية بصلة. يقول أبو سامي الذي اتصل بشيخ تمسك بأن يصفه بالفاضل حتى بعد مكالمة كان يخاطبه بطريقة: «قل اللي عندك بسرعة ترى حنا عندنا اجتماعات ومشاغل ما حنا فاضين». إن رجل الدين كان بالنسبة له مصدر ارتياح نفسي ورجوع إلى تشريع نظم حياة الإنسان المسلم. ويعترف أبو سامي أن نظرته تغيرت قليلا عند حديثه مع عالم آخر استقبله بهدوء وقدم له الفتوى بتفصيل وارتياح وتواضع. موقف أبو سامي مثله كثر نتصفحه في حياتنا في الأسواق والشوارع وزيارة الأجهزة الحكومية وفي المناسبات، والسبب لا يحتاج إلى نظريات علماء النفس والاجتماع، بل تشخيص من بعث متمما لمكارم الأخلاق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال: «ما من رجل تكبر أو تجبر إلا لذلة وجدها في نفسه»، وهنا تأكيد على أن الأخلاقيات هي عمود مهم يقف عليه الدين، إذ لا يقتصر على ممارسات بدنية فقط، بل أسلوب حياة متكامل تحفظه الأخلاقيات. أخيرا لن أستشهد بتجربة عالم أو قائد أو زعيم من قصص التاريخ الغابرة التي تلبس كثيرا من المبالغة، بل برجل يعيش بيننا، منحه الله الحكمة ويحمل شهادات مهمة في الهندسة والتخظيط الإداري وعلم الاجتماع والشريعة والسياسة، والجاه والمال ويجلس بين يديه ليتعلموا: قضاة، باحثين وأكاديميين، يتلذذ بتواضعه وإنصاته لمن يتكلم معه والتبسم في وجه كل من يصادفه في طريقه، ليس له لحية بيضاء أو ظهر منحنى، بل شاب في منتصف العقد الخامس من حياته، عرف في بواكير حياته أن من تواضع لله رفعه. كنت أعتقد أن تواضعه متصنع أو من أجل شيء في نفسه فوجدته يملك كل شيء ولا يحتاج أحدا غير ربه، وهمس أن الحياة بهجة بالدين والعلم والتفكر والصدق المفضي إلى صلح مع النفس وفهم أوسع للحياة ودورتها.. فأعدت رأسي إلى مكانه وصرخت في داخلي: «دعونا لا نفقد قيمة الحياة ولنستمتع بأيامنا دون أقنعة الغرور والكبرياء». للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 261 مسافة ثم الرسالة