كانوا يتابعونها بشغف، وكانوا يؤجلون الكثير من الالتزامات من أجلها، وبعضهم لم يكن يدري ما الذي تعنيه، ولا يكترث لها. في حين هناك من تداعبه نفسه، ويتوق إلى صناعة الفرصة من أجل أن تتاح له مشاهدتها. والمهم، بين هؤلاء من ترك المتابعة لاعتزال لاعبه المفضل، ومنهم من شغلته لقمة العيش، وهناك من يحمل أسبابا أخرى وصلت لمرحلة الهروب من الضغط والسكر. أنتظر كأس الموت عبده صالح لطف الله (86 عاما) قال: تعرف دربا لكأس الموت الأمور ما عادت مثل زمان، ولقمة العيش صارت صعبة، وأنت تتكلم عن كأس (ما هو ؟!). قال له بعض الحضور: كأس العالم رد: ما شفت في حياتي كأس عالم، ما كنت أدري إنك «فاضي»، فأنا تركت العالم وكأسه لكم افرحوا بها. لكن علي محمد ركبي (56 عاما) يعترف: أعشق المصارعة منذ أيام عبد الرحمن الراشد، أما كأس العالم فأسمع عنها، لكني لا أبحث عنها، ولا تهمني. يتدخل عبده حسن أبكر (65 عاما) قائلا: لا أشجع الكرة، لكني أضطر للمتابعة، حينما تكون هناك مباراة بين الاتحاد والأهلي وهذا يعني أن معركة سوف تحدث في البيت، لهذا أعطل نفسي من كل التزام حتى لا تحصل كارثة بين الأولاد، أما كأس العالم فلا تهمني نهائيا. العم فتيني حسن أبكر (60 عاما) يقول: أنا أبحث عن لقمة العيش، ولا وقت لدي لمشاهدة «التلفزيون» أصلا، لدي ما هو أهم من هذه الكأس، فأنا أجلس وقتا طويلا لبيع الفجل، وحينما أتوجه للبيت، أنام لأستعد للعمل في اليوم التالي، أما «الكورة» وكأس العالم هي لناسها. إجراءات زوجتي يستغرب عثمان حسن الحفظي (68 عاما) من توجيه مثل هذا السؤال، ويقول: الكرة أيام زمان عندما كنا شبابا، ولقد نسيتها منذ زمن، ولا أذكر حتى أنني جلست لمباراة محلية، فكيف تتوقع أن أتابع كأس العالم، لدي ما يصرفني عن مثل هذه الأمور، فأنا الآن أحمل أوراقا أود فيها ضم أم عيالي في سجل العائلة، فلا تسألني عن كأس العالم، وإنما عن تعبي ومشقتي فقط. يقول جمعان سعيد الزهراني (87 عاما): كنت أتابع كأس العالم، ولكن منذ «ثمانية ألمانيا» طلقت الكرة ومشاهدتها، لقد كرهتها، لأنني شعرت أنني أحرق أعصابي دون فائدة. يشاطره صديقه عطية الله مستور السهيلي (84 عاما) قائلا: ارتفع عندي السكر بسبب «الكورة» وعلمت بقصر عمري، إذا استمررت في المتابعة، لأنني كنت أشجع بجنون، فقد كنت أحضر المباريات منذ الصباح، فهل تعتقد بأن هذا صواب، وأذكر أن أم عيالي قالت بأن ابني الصغير حرارته مرتفعة، وأنه بحاجة للمستشفى، حينما نظرت للساعة وجدت أنني سوف أتأخر عن حضور المباراة، لهذا تركتها تبكي خوفا على الطفل، ورحلت إلى الملعب، حينما عدت علمت بأن جاري أبو (محمد) نقل ابني للمستشفى، عندما اشتدت حالته، فهل هذا وضع شخص عاقل. بيليه وبلاتيني وزيكو فهد مروان الشيخي (89 عاما) قال بابتسامة: كيف لا أتابعها أنا منتظر الافتتاح على أحر من جمر، فأنا عايشت الكثير من أبطال كأس العالم، مثل بيليه، مارادونا وزيكو وسقراط ومالديني وزين الدين زيدان وبلاتيني وباولو روسي وغيرهم، كل هؤلاء شاهدتهم، ولا أظن الملاعب العالمية سوف تنجب مثل هؤلاء العمالقة، وفي الحقيقة أحب الفريق البرازيلي وأشجعه، وأستمتع بلاعبيه، وأعتقد أنهم أفضل الفرق وأتوقع فوزه في هذه الكأس. كأس «الفضاوة» يرفض عواد مصلح الحربي (79 عاما) التحدث عن كأس العالم قائلا: لا أعرف عنها شيئا، ولا أدري ماذا تكون؟! فأنا لم ألعبها في الصغر حتى أهتم بها في الكبر. يتدخل أحد الحضور قائلا: هذه كأس يشاهدها كل العالم ؟ يقاطعه قائلا: إلا أنا، أنتم جهلة «ناس تلعب الكرة في بلدها وأنت هنا تلتحف همهم، ما أحد درى عنك، قم وأبحث عن عمل أفضل من كأس «الفضاوة». زيدان حرمني المشاهدة عبد الله يسلم مغربي (84 عاما) قال: لن أشاهد المباريات نهائيا، فقد اعتزلتها ومتابعتها مع اعتزال زيدان، ولا أعتقد أن في الفرق مثله، لهذا لم أحتف بكأس العالم، مثلما كنت أفعل سابقا. وأضاف المغربي: في السابق كنت أجهز المجلس، وأدعو أصدقائي لمشاهدة المباريات في البيت، وأوفر ما يحتاجون من ماء وشاي ومكسرات، لكن مع إطلالة الكأس الحالية جاء الكثير من الأصدقاء، يطالبون التراجع، لكن أنا انشغلت بالعقار، وهذا أفضل من الفترة التي كنت أقضي فيها معظم الوقت من أجل المباريات.