أنا طالبة أدرس في الخارج، زوجي طيب، وأتمتع بقدر عال من الجمال، وفي الأشهر الستة الأخيرة من العام الماضي، حدثت بيني وزوجي مشاكل، وبدأ حينها في إقامة علاقة مع أخرى، تعرف عليها في المنتدى الذي يكتب به، وقد تأكدت من وجود العلاقة، وحاربت كثيرا حتى أصلح بيتي لكن دون فائدة، فقد رأيت منه أشياء غريبة وعجيبة، وشعرت وقتها كأنني أعيش مع إنسان آخر غير زوجي، وبقيت الأمور هكذا حتى انتهى الفصل الدراسي، وقررت العودة للمملكة للإجازة، وكنت متأكدة أنني لن أرجع لزوجي مهما كانت النتائج، وبعد عودتي بأسبوعين، تأكدت من وجود علاقة بينهما خلال غيابي عنه، وبعد مضي شهر ونصف على وجودي في المملكة عاد، وهنا بدأت المشكلة الثانية، فقد جاءني يبكي مؤكدا أنه قد تغير، وأنه أصبح شخصا آخر، وأنكر علاقته مع أخرى، وهذا ما جعلني أغير رأيي، والحق يقال أنه تغير للأحسن، ومشكلتي الآن أنني غير قادرة على منحه الثقة مرة ثانية، كما أنني غير قادرة على نسيان علاقته، وكلما تذكرت ما حصل أحس وكأن نارا في كياني، وهو يعلم علم اليقين أن الثقة قد انكسرت، وصرت أتفحص هاتفه، وحاسوبه الشخصي، حتى حصلت على إيميل منها، تقول له فيه أنها اشتاقت له، وحين واجهته أقسم أنها التي تجري وراءه، وهي التي ترسل الإيميلات، أنا الآن متعبة وغير قادرة على نسيان ما حدث، علما بأنه أقفل المدونة التي كان يكتب بها، وغير رقمه، كل هذا حتى يرضيني، ولكنني غير قادرة على إعادة الثقة به مرة ثانية، أرجوك ساعدني. ابنتك: و زوجك واحد من اثنين: إما أن يكون صادقا، أو كاذبا، فإن كان صادقا وكانت هذه المرأة هي من يتابعه ويلاحقه كما يدعي، فليس لك الحق إطلاقا في اتهامه بما اتهمته به، وبالتالي فأنت في هذه الحالة ظلمته وتجنيت عليه وأسأت له دون داع، أو أنه كاذب ووقع فعلا في علاقة مع هذه السيدة ثم اكتشف أمرا جعله يبتعد عنها، وقد عاد إليك نادما آسفا وغير رقم جواله وانقطع عن الكتابة في تلك المدونة من أجل إرضائك، فأنت في أسوأ الظروف كسبت احترامه وتقديره ونجحت في استعادته لبيته ولك ولأولاده، وإن بقيت تتعاملين معه باعتباره مذنبا، فتأكدي أن سيصبر ولكن لأمد محدد ثم بعدها يبدأ صبره بالنفاد، وستندمين أشد الندم إن خسرته، لذا تعالي نتعامل مع الوضع من منطلق أسوأ الاحتمالات، ونقول أنه صنع علاقة مع تلك المرأة وأنه سلك سلوكا لم يكن ينبغي أن يسلكه، وباختصار لنقل أنه أخطأ، وسؤالي لك: هل تطلبين ممن حولك أن لا يخطئوا؟ ولو فرضنا أنك أنت من وقعت في مثل هذا الخطأ هل كنت تتمنين من زوجك أن يسامحك أم يضع على جبينك ختما يقول: أنت مخطئة وخائنة ولا مجال لك للتوبة أو الغفران؟ هل كنت عندها ستسعدين بمثل هذا القرار لو أن زوجك قد اتخذه؟ طالما أنه أخطأ وعرف أنه أخطأ سواء أقر بوجود العلاقة أم لا فينبغي على المرأة العاقلة أن تستوعب زوجها وتسامحه، لأن الخطأ سمة البشر جميعا، وحين تبدئين بالمسامحة تكوني قد علمت زوجك مبدأ من أهم المبادئ في العلاقات الإنسانية، وهو التسامح، أما لو بقيت مصرة على عدم مسامحته فإنك ستدفعينه إلى البحث عن سواك بصورة جادة لأنك بهذا ستكونين قد أوصلته إلى مرحلة يشعر فيها بأن كرامته أهينت ولم تحفظي له ماء وجهه، وقد تردين علي بالقول ولكنه هو المخطئ، عندها عليك أن تتذكري هل المطلوب في مثل هذه المواقف أن نصدر أحكاما ندين بها الطرف الآخر أم نبحث عن حل للمشكلة ونعيد الحياة إلى البيت، وهل المهم من المخطئ؟ أم المهم كيف نعالج الخطأ؟هل ستكونين سعيدة لو خسرته وابتعد عنك أم ستكونين سعيدة أكثر أنه عاد إليك؟ ولو سلمنا جدلا أنه أخطأ، فمن الذي كسب جولة الخطأ أنت أم تلك السيدة؟ ألم تجعلك عودته تشعرين أنك الأفضل والأحسن والأجمل؟ ألم تثبت لك عودته بأنك عزيزة إلى نفسه وأن بقية النساء بالنسبة له لا يعنين شيئا؟ احرصي يا ابنتي أن لا تفتحي للشيطان بابا يدخل منه لحياتك فيدمرها، تذكري أن سيد الخلق قال لمشركي مكة الذين تأمروا على قتله وحبسوه في شعب علي ثلاث سنين، أكل خلالها هو ومن معه جلود الحيوانات وأغصان وأوراق الشجر، وأكلوا كبد عمه حمزة، وحاربوه وشتموه وطردوه، ثم حين دخل مكة فاتحا سألهم ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، عندها كان جوابه: اذهبوا فأنتم الطلقاء، وتركهم دون أن يعاقبهم أو يحاسبهم، تذكري أن رقي الإنسان وقوته تكمنان في عفوه وصفحه عمن يخطئ بحقه، وتذكري أنه بينك وبينه محبة ومودة وعشرة وأبناء.