أعد الزملاء في صحيفتنا العزيزة (عكاظ) ملفا متكاملا عالجوا فيه باحترافية صحافية قضية شراء الشهادات العلمية. وبقراءة موضوعية لما تضمنه الملف، يتضح أن الموضوع متشعب، وله ارتباط مباشر بالعديد من مؤسسات المجتمع، تحول معه إلى قضية اجتماعية، يتم تداولها في المجالس، ومختلف وسائل الإعلام. فمن الناحية الشرعية؛ وكما جاء في الملف، يعد شراء الشهادات، والحصول على الدرجات العلمية الوهمية خيانة، وتزويرا، وأكلا للحرام، وسرقة للوطن. وفيما يتعلق بالجانب التنظيمي، فإن وزارة الداخلية حذرت من التعامل مع المؤسسات والمكاتب التي تغرر بالمواطنين والمقيمين للحصول على درجات علمية وهمية، تضيع معها أموالهم ووقتهم وجهدهم. كما حددت وزارة التعليم العالي الجامعات المعترف بها، وفقا لأعلى معايير الاعتماد الأكاديمي، وأقرت ضوابط لمعادلة الشهادات العلمية، كالاعتراف الأكاديمي بالجامعة، والتفرغ في بلد الدراسة، والمكوث بها لمدة معينة؛ وهي ضوابط أقرتها وزارة الخدمة المدنية كمتطلبات أساسية للتقدم على الوظائف المختلفة. وشددت وزارة التربية والتعليم على منع استخدام الألقاب العلمية في المخاطبات الرسمية إلا لحاملي الشهادات المعترف بها. وبالنسبة للجانب القانوني، فقد أكد المشاركون في ملف القضية على ضرورة التفريق بين من يحصل على درجته العلمية من جامعات لها اعتبارها في بلدانها، لكنها لا تدخل ضمن الجامعات الموصى بها، وربما تعادل شهادته، وبين من يحصل عليها من جامعات وهمية بمجرد دفع الرسوم، وخلال مدة زمنية قد لا تتجاوز ثلاثة أشهر؛ إذ لا يمكن الاعتراف بها نهائيا. وأمام كل مظاهر الرفض لهذه الشهادات، يبقى الدور الأكبر على الجهات الرسمية التي تمنح تراخيص لمكاتب ما زالت وعلى الرغم من إغلاق العديد منها تمارس بيع الدرجات العلمية دون رقيب ولا حسيب؛ إذ من الأهمية بمكان عدم التهاون في محاسبتها، وإلغاء تراخيصها، وإغلاقها نهائيا إذا استغلت التراخيص لغير الأغراض المحددة لها في مجالات التدريب والتطوير. كما أن الصحف لها دور رئيس في الحد من هذه المشكلة، وذلك بعدم نشر إعلانات التهنئة بالحصول على هذه الشهادات، يدفع ثمنها باحثون عن الشهرة بأية طريقة!. ويمكن القول إن القضية ليست في عدم توافر فرص للتعليم الجامعي والعالي، فقد أقرت معظم الجامعات السعودية برامج صباحية، وموازية مجانية في مختلف التخصصات، تمنح درجات البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراة، إما انتظاما، أو عن طريق التعلم الإلكتروني (E.Learning) والتعلم عن بعد (Distance Learning) وجميعها برامج معتمدة ومعترف بها رسميا. لكن المشكلة تكمن في استعجال الحصول على درجات علمية بأسرع وقت، وأي ثمن، والإصرار على الاعتراف بها. وقد يغضب بعضهم إذا لم تستقبله بأهلا يا دكتور، وتودعه بمثلها وهو لا يستحقها!. * جامعة الملك سعود كلية التربية [email protected]