حمل الموسيقار الراحل حلمي إبراهيم محمد أمين الذي اكتفى في تعامله مع الفن والموسيقى والأنغام والإعلام باسم «حلمي أمين»، موهبته الفنية وهو فتى يافع، وذهب إلى الاسكندرية ليقدم نفسه ملحنا للجنة الاستماع والاختيار والإجازة التي كان أعضاؤها أم كلثوم وعبد الوهاب ومحمد حسن الشجاعي. ينتمي الفنان حلمي أمين الذي وافاه الأجل المحتوم أثناء زيارته المملكة الأسبوع الماضي، حيث ووري جثمانه في مقابر السيدة خديجة في مكةالمكرمة، إلى أسرة فنية تضم كلا من الفنان الراحل الموسيقار محمد الموجي والشاعر والسينارست الراحل عبد السلام أمين، والملحن إبراهيم رأفت الذي سبق له التلحين لطلال مداح.. ولحلمي أمين من الأبناء مصطفى حلمي «الموجي» وهو عازف الكمان المعروف في معظم الفرق الموسيقية التي تحيي الكثير من المهرجانات الغنائية العربية، والتي كان آخرها في ليبيا، وهو المهرجان الذي نظمه وقدم فيه الكثير من مطربي العالم العربي تجديدا لوطنيات الخمسينيات والستينيات. وله أيضا محمد حلمي وهو الممثل الذي قدم الكثير من الأعمال كان آخرها دور والد عبد الحليم حافظ في المسلسل الرمضاني الشهير عن الفنان الراحل عبد الحليم، وابنتان، هبة حلمي المذيعة في ال a r t، والدكتورة أمنية أستاذة الفنون الجميلة في نجران وحرم الدكتور وائل والي الذي يعمل في جدة، ومن الأسرة أيضا الملحن الموجي الصغير والموزع الموسيقي يحيى الموجي. فنانو المملكة ارتبط الفنان الراحل بالمملكة وفنانيها طويلا عبر زياراته المتعددة لها، وحبه غير المحدود لبلادنا، وله من الصداقات ما لا نهاية له مع الراحل طلال مداح وفنان العرب محمد عبده الذي كانت آخر الأمسيات التي جمعته به لدى الشاعر سعود سالم صديق الطرفين، كما حضر الكثير من المناسبات الفنية والاجتماعية في المملكة مع صديقه محمد شفيق الذي ارتبط بصداقة قديمة معه منذ مشاركة شفيق مع عبد الحليم حافظ كعازف كمان في أغنية «قارئة الفنجان». حب الموسيقى احترف حلمي أمين الفن مبكرا وأبدع وأبحر فيه، وذلك على الرغم من أن والده كان عمدة البلد ولا يعمل في المجال الفني إلا أن حب الموسيقى قد استهواه وملأ وجدانه وسيطر عليه ليلازمه طول مشوار حياته مع رفيقة الدرب زوجته التي ترملت في الأسبوع الماضي، بثينة محمد السيد الموجهة في التربية والتعليم في مصر سابقا. ولد حلمي أمين في مركز بيلا في محافظة كفر الشيخ عام 1933م، وحصل على شهادة الزراعة من المنصورة في محافظة الدقهلية عام 1948م ثم انتقل إلى الإسكندرية ليمارس نشاطه وموهبته الأساسية، وهي تعلم الموسيقى، إلى أن أكملها في معهد الموسيقى في الإسكندرية عام 1951م، وفي ذلك الحين افتتح مبنى الإذاعة حيث تقدم إلى لجنة الاستماع في الإذاعة التي كان يرأسها في ذلك الوقت محمد حسن الشجاعي والفنان الراحل أحمد خميس مؤسس إذاعة الإسكندرية وأجازه الشجاعي كملحن أول في الإذاعة، كما أسند إليه تلحين بعض الأعمال التي اشتهرت في ذلك الحين ومنها الأغنية الشهيرة «الحارس الله والصلاة على النبي» و «قمر 14» وغيرها من الأعمال التي لاقت قبولا وشهرة واسعة في ذلك الوقت. وبعد انقضاء ثماني سنوات في إذاعة الإسكندرية قابل الفنان الرائد حافظ عبد الوهاب الذي اقترح عليه أن يتقدم إلى امتحان لجنة الاستماع في القاهرة، واعتمد من قبل اللجنة المشكلة من كل من حافظ عبد الوهاب ومحمد عبد الوهاب ومحمد حسن الشجاعي وغيرهم من عمالقة الفن في ذلك الوقت... بعد ذلك انطلق ليمارس كل أشكال الفنون بكل اقتدار وبراعة، فلحن أعمالا رائعة وباهرة، سكنت في قلوب الناس وتذوقوها ورددوها، ومنها رائعته الطربية الفاتنة «عنابي» لكارم محمود .. وبدائعه الطروبة المغردة الأخرى «إيه الحلاوة دي» و «افرحوا ياحبايب» لعبد اللطيف التلباني، و«مستحيل» و «الزوج» لفايزة أحمد، و «عاشت الأسامي» لعادل مأمون، و«يا بو عين مليانة» لهدى سلطان، و «مسيك بالخير» لشهرزاد، «شهر الهنا» لشادية، و «حلوة بشكل» لمحمد قنديل، و«أهي جات كده» لوردة الجزائرية، ومونولوج «حبيبي شغل كايرو» للفنان الراحل محمود شكوكو.. وغيرهم كثيرون من المطربات والمطربين المرموقين الذين لحن لهم في ذلك الوقت. سينما وتلفزيون أما في السينما والتلفزيون والمسرح فقد شارك في تلحين الكثير من الأعمال، ومنها في السينما: «الشياطين الثلاثة، الوفاء العظيم، بدور، شياطين إلى الأبد، أجمل أيام حياتي، مدرسة المراهقين، حب أقوى من الحب، حب على شاطئ ميامي، موعد في الريفيرا، لقاء مع الماضي)... ومن المسلسلات: (البحث عن شحتة، أنف وثلاث عيون، فوازير نيللي كاريكاتير وصورة وفزورة، عندما يتضاءل الكبار، المسحراتي، موال الحب والغضب، مدرسة النجاح).. ومن المسرحيات: (على الممر، البريمة، سمسم وحمادة ونانا، رابعة زهرة العاشقين). كما اكتشف حلمي أمين العديد من المواهب الفنية ومنها ياسمين الخيام وعفاف راضي وعايدة الشاعر وإيمان الطوخي وعبد اللطيف التلباني وأسامة رؤوف وأحمد سامي، ومن المقرئين الشيخ سيد النقشبندي والشيخ محمد عمران والشيخ سعيد حافظ. كتب الفنان الراحل في كثير من الصحف والمجلات المعروفة ومنها صحيفة «عكاظ» التي اتفقت معه على كتابة عمود موسيقي أسبوعي عندما جاء إلى جدة، وأتى معه الفنان الكبير بليغ حمدي في بداية التسعينيات الميلادية ليؤسسا استوديو كبير لرجل الأعمال والشاعر الراحل خالد بن محفوظ، كما كتب في صحيفة الأنباء الكويتية ومجلة «السينما والناس»... وفي مجال فن الأطفال كان للملحن الراحل مشاركات مميزة مثل: فرافيرو بوبي الحبوب سمسم وحمادة ونانا. وفي الإذاعة.. أعد وقدم وألف الموسيقى لكثير من البرامج منها: سبحان الله الحمد لله سيرة ابن هشام أسماء الله الحسنى خطوات خضراء محمد الرسول والرسالة محكمة الفن الغنائية. عمل أمين مستشارا لشركة دار الهلال للطباعة والنشر.. ورئيسا للجنة النقابية للصحافة والإعلام والتضامن.. وأيضا عمل مستشارا فنيا لشركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات في عهد حسين فهمي جلال الدين عندما كان رئيسا لمجلس إدارة الشركة... أما ألقابه العملية وخبراته فملخصها كما يلي: عضو لجان الاستماع في الإذاعة والتلفزيون وصوت القاهرة، كذلك شركات الإنتاج في القطاع الخاص. عضو لجنة الاستماع الخاصة بإجازة القراء والمبتهلين والمنشدين في اتحاد الإذاعة والتلفزيون. مستشار فني في الفرقة الاستعراضية في قطاع الفنون الشعبية في وزارة الثقافة. أمين صندوق جمعية المؤلفين والملحنين في عهد الفنان محمد عبد الوهاب الذي كان يتولى رئاسة الجمعية في ذلك الوقت في مصر وفرنسا (السسم). وكيل أول اتحاد النقابات الفنية الثلاثة (السينمائية التمثيلية الموسيقية). سكرتير عام في نقابة المهن الموسيقية. وكيل للنقابة في عهد الفنان أحمد فؤاد حسن. نقيب للمهن الموسيقية ثلاث دورات متتالية. رئيس لجان التحكيم في اتحاد المبدعين العرب..