احسب وعد.. أيها القارئ الكريم.. كم مرة قرأت، أو سمعت هذه العبارة الفضفاضة اللاهبة: (لدينا خدمات مميزة نقدمها لكبار الشخصيات ورجال الأعمال)! إنها عبارة سحرية واسعة لا تتضمن أي تفاصيل، إنما يلجأ إليها بعض المعلنين عن خدماتهم في إعلاناتهم المنشورة لكسب المزيد من الزبائن والعملاء.. مثل: أندية الصحة واللياقة والرشاقة، البنوك، الفنادق والشقق المفروشة، شركات الطيران، وحتى المستشفيات الأهلية والخاصة، معظم هذه القطاعات يستخدم هذه العبارة الرنانة لجذب الجمهور وإثارة دافعيتهم نحو الاستعلاء والتميز، فعدد غير قليل من الناس يدخل المنافسة طواعية لإثبات وجوده على أنه الأفضل والأميز والأقدر! حتى لو لم يكن كذلك!! وبعض الناس من الذكور والإناث يتهافتون ويتصارعون ويتسابقون للحصول على التميز باعتبارهم (vip) أو كبار الشخصيات وهم في الحقيقة ليسوا كذلك، إنما لديهم مال يشتري هذه التسمية أو هذه الخدمة ويدفع ثمنها. وهم أحرار بأموالهم. فإذا لم يقدم لهم المجتمع (نجمة) يعطون أنفسهم (سبع نجوم)! ولا شك أنها العبارة الأكثر تداولا في الخدمات المتاحة للناس على طريقة ادفع وخذ!! والحقيقة أن هذه العبارة واسعة الاحتواء، فضفاضة المعنى، وقوامها الفلوس وليس التميز!! أعرف شخصيات من الصف الأول في المجتمع ومميزة ومتميزة بحق وحقيق لكنهم يركبون الدرجة الثانية في الطائرة! ويحملون حقائبهم اليدوية بأيديهم وليس بأيدي غيرهم! وإذا نزلوا الفنادق لا يبحثون عن الفندق الأغلى بل عن الخدمة الجيدة دون كلفة زائدة تذهب للمعان وليس لميزة كبرى في المكان!! إن عبارة (لدينا خدمات مميزة نقدمها لكبار الشخصيات ورجال الأعمال) ترسل إشعاعات إغراء يقع تحت تأثيرها المحبون لتلميع أنفسهم إذا كان اللمعان بعيدا عنهم ولم يحصلوا عليه تلقائيا، فبعض غير اللامعين يبحثون عن فرصتهم في تلميع أنفسهم ليصبحوا من اللامعين وليس أمامهم من سبيل سوى الدفع لشراء الصفة التي لم يكتسبوها فعليا فاشتروها بقوة الفلوس! يدفعون قيمة الدرجة حتى لو كانت مكلفة مقابل خدمة عادية إلا أنهم فكروا باللمعان ولم يفكروا بالأثمان!.. وأثبتوا بفلوسهم أنهم من الناس اللي فوق مش اللي تحت! والمؤسف أن بعض الدافعين أثمانا باهظة للحصول على خدمة مميزة يكتشفون بعد فوات الأوان أنهم لم يحصلوا على شيء!! فالخدمة التي نالوها لم تحقق احتياجاتهم، وعزاؤهم الوحيد أنهم حصلوا على اللقب ولم يحصلوا على الخدمة المتوقعة! يعني اشتروا القشرة بثمن غالٍ!! والسؤال لماذا الفوضى تعم هذا المجال، ولماذا لا تقوم الجهات المعنية بضبط الأمور بعد انفلاتها؛ حتى لا نكون مجتمعا استهلاكيا وغير منظم! يكفي الأولى ما دامت الثانية في أيدينا!!! ولماذا لا نجد عبارة تقول: لدينا خدمات مميزة نقدمها للمتفوقين، مثلا، أو المخترعين أو المثقفين أو أصحاب المبادرات الإنسانية في خدمة المجتمع! ولماذا كل خدمة مميزة ينالها من لا يستحقها، ومن يستحق لا يلتفت اليه أحد! أما السؤال الأخير: إذا كنا نعرف ما الخدمة المميزة لدى شركات الطيران، مثلا.. فما هي الخدمة المميزة في أندية اللياقة والرشاقة!! بس خلاص!!