مؤلم غاية الألم ما نشرته «عكاظ» على صدر صفحتها الأخيرة يوم الأربعاء 21/5/1431ه عن العائلة التي يستخدم أبناؤها الحمار وبالتناوب في الركوب عليه للوصول للمدرسة من الخيام المقامة في الخلاء، والتي يسكنون فيها مع أهاليهم بدون توفر كهرباء ولا ماء إلا بالحصول عليه جلبا بالقرب، ومع ذلك لم تعطف عليهم بلدية خميس مشيط وتعالج مشكلتهم مع جهات الاختصاص، وإنما اعتبرتهم معتدين على الأرض بإقامة الخيمة عليها والتسبب في وضع رب العائلة خلف القضبان !! ولقد انتظرت الأيام الماضية على أمل أن تتحرك جهات الاختصاص بحل الإشكال وإطلاق سراح الرجل السبعيني ومنحه أرضا يسهم أهل الخير بالمسارعة في بناء سكن للعائلة عليها، وتعمل إدارة التعليم على توفير وسيلة نقل للطلاب الذين يواجهون مشكلات لا حصر لها باستخدام الحمار .. ولكن للأسف لم يحدث شيء من ذلك سوى ما أكده رئيس بلدية خميس مشيط في عدد يوم الاثنين 26/5/1431ه بهذه الصحيفة أن رب الأسرة اعتدى على أرض مرفق حكومي، وحتى مدير إدارة التعليم في منطقة عسير لم يزد على أن قال إنه سيتم الوقوف على الوضع بالتنسيق مع إدارة المدرسة توطئة لتخصيص نقل لهم من المدرسة متى وجدت الإمكانية لذلك !! ترى ماذا يمكن أن نقول ؟ .. ومن يمكن أن نناشد ليس فقط لحل هذه المعضلة وحدها، وإنما لمعالجة ما يماثلها من أوضاع في الجنوب، والشمال.. فقد وجدت في الطريق إلى ضبا خياما يسكنها بعض أهل البادية.. وفي الجنوب كذلك. صورة تتكرر لما روته «عكاظ» في عدد الأربعاء 21/5/1431ه تضطرني أن أكرر اليوم إعادة مقاطع منه للتذكير بهذه الحالة البائسة، والتي جاءت بعد اليوم التالي الخميس 22/5/1431ه، وكذا ما نشر يوم الأحد 25/5/1431ه ما يماثلها وإن اختلفت الصورة بسكن الرجل في سيارته، أو سكن العائلة بخيمة في مزدلفة تقول «عكاظ» : بعيدا عن ثورة التكنولوجيا التي يشهدها العالم تعيش أسرة مكونة من 14 فردا في خميس مشيط حياة بدائية بحتة منذ 19 عاما بدءا بمسكنهم المكون من خيام وشبك خالية من مقومات الحياة الحديثة ( كهرباء وماء )، وقوت يومهم المتواضع الذي يصلهم عبر فاعلي خير وبعض الجمعيات الخيرية، وفي حين يقبع والدهم ومعيلهم الوحيد ظافر أبا الشيخ (70 عاما) خلف القضبان منذ يومين جراء شكوى مقدمة ضده من بلدية خميس مشيط نظير تعديه على أرض ووضع خيامه عليها، يصر أربعة من أبنائه ( سريح 14 عاما، فايع 12 عاما، عبد الله عشرة أعوام، وأحمد تسعة أعوام ) على شق طريقهم يوميا إلى مدرستهم التي تبعد عن مقر سكنهم (20 كيلومترا) ممتطين ظهر حمار أحضره والدهم كي يكون وسيلة نقلهم الوحيدة، وأوضح سريح ظافر الذي يدرس في المرحلة المتوسطة أن رغبتهم في العلم والبحث عن مستقبل أفضل حولت الحمار في نظرهم إلى سيارة فارهة يتناوبون على اعتلائه وفق اتفاقية أبرموها فيما بينهم رحمة به، وحتى لا يثقلوا كاهل وسيلة نقلهم الوحيدة ومن ثم خسارته. رحلة الكفاح في عيون أولئك الصبية لم تقف عند امتطاء ظهر حمار قاطعين الأودية والشعاب حتى يصلوا إلى مدارسهم، وإنما تطورت إلى تجاوز العبارات التي يمطرها عليهم أقرانهم في المدرسة، وملاحقتهم بالكاميرات بغية تصويرهم لحظة اعتلائهم الحمار، ثم يمضي في تصوير ما يلاقونه من سخرية زملائهم رغم أن معلميهم يذودون عنهم ويعاقبون من يلمزهم أو يتسبب لهم في متاعب، لكن ذلك لا يمنعهم من مواجهة تقلبات الطقس وطول المسافة، والتي تسببت لهم غير مرة في امتناع الإدارة عن إدخالهم إلى المدرسة، نظير تأخرهم عن وقت الحضور. من جهته، نفى مدير إدارة التعليم في منطقة عسير الدكتور عبدالرحمن الفصيل علمه أو اطلاعه على الحالة في وقت سابق مؤكدا عزم إدارته الوقوف عليها بالتنسيق مع إدارة المدرسة، توطئة لتخصيص نقل لهم من وإلى المدرسة متى وجدت الإمكانية لذلك. ماذا يمكن أن أقول غير لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. وكفى!!.