•• كلنا في النهاية قد نحصل على تلك الحكايات المبتورة بنهاية الأجل ومعها خطوط الزمن.. والتعب وكلنا سنشيخ وعلى ألسنتنا ثمة حكايات ناقصة بدأت منذ زمن طويل ولم تنته. •• والناس غالبا لا تتوقف عن الكلام –كلهم- يحكون ويروون مغامراتهم بشيء من التلذذ والتحسر على الأيام التي مضت ولن تعود. •• والبعض لا يروي الحقائق كلها.. إنه يختار ما يتجمل به حتى ولو كان كذا.. ولهذا فالحكاية غالبا لا تكتمل.. ثمة سطور وأحداث.. وخزايا.. وخطايا.. قد أهملت عمدا وبعضها قد غيرت والبعض الآخر قد احتبس في حناجرهم.. وبقيت تلك الأسئلة الحائرة في أذهاننا.. وفي مقدمتها ذلك السؤال الأثير.. والدائم والأبدي: لماذا كل هؤلاء يكذبون؟ لماذا يتغيرون عندما يكونون خارج دائرة الصلاحيات ويرتدون جلودا غير جلودهم وأفكارا غير أفكارهم وحتى طريقة حياتهم.. ويشوهون تاريخ غيرهم.. ولماذا تمسح تلك السطور المضيئة في حياة خصومهم كما تمسح أيام الناس بعد موتهم؟ •• وباختصار ما الجدوى من النيل من أولئك الموتى في قبورهم وكشف عيوبهم والتشهير بهم.. وهل نحن مزهوون فخورون بحاضرنا المرير أكثر من ماضينا القريب المحزن.. ما الفرق وما الذي تغير.. ألسنا مكبلين بعجزنا.. وضعفنا وتعاسة أيامنا.. وهل توقفت كل هزائمنا.. وهل نحن في يومنا أفضل حالا من أمسنا.. وكيف نحاسب أولئك الموتى قبل أن نحاسب أنفسنا وحاضرنا؟ •• وإذا كنا تواقين أبدا على نبش قبور الموتى.. فلماذا لا نذكر حسناتهم وتلك الأيام المضيئة في حياتهم.. وهل أيامهم كانت شرا كلها.. وأيامنا الحالية خيرا كلها..؟ •• إن أشد ما يحيرني.. ويفقدني عقلي هو إصرار بعض الفضائيات الجازم على محاسبة الموتى والرقص على أشلائهم.. وإغفال مآسي الأمة وأحزانها.. وآلامها.. التي تعيشها اليوم. •• إن العين التي كانت ترى مثالب وأخطاء الأمس حري بها أن تبصر خزايا اليوم. •• ومن الأجدى والأنفع والأفضل أن نرى ما حاق بأمتنا وتشتت شملنا وما آلت إليه فرقتنا.. والعمل على علاج أخطائنا والتبصر في حالنا. أيها السادة نحن نقتل اليوم ونحن نقول بكل خنوع نعم. وقتلى الأمس كانوا يقتلون وهم يقولون (لا) وهذا هو الفرق.. ولا أزيد!!