مع النهضة العمرانية الضخمة التي تشهدها بلادنا وارتفاع نسبة النمو السكاني والازدياد الكبير في بناء الوحدات السكنية، يخيل للمرء أن كل مواطن سعودي أصبح يملك منزلا له ولأسرته. ولكن الواقع يثبت أن هذا النمو العمراني لازال غير كافيا. حيث أن نسبة كبيرة من المواطنين لا يملكون مساكن خاصة بهم. التمدد العمراني وازدياد المباني الذي نلاحظه في المدن الكبيرة إنما هو مقصور في غالبيته على فئات محدودة منهم الأثرياء والتجار والعقاريين أو من أتيحت لهم الفرصة الحصول على قرض من صندوق التنمية العقاري، في حين لا تملك الطبقة الوسطى وما دونها من المواطنين الذين يشكلون أغلبية السكان «أكثر من 70% من المجتمع السعودي تقل أعمارهم عن 30 عاما، ونسبة مالكي العقارات والمساكن في السعودية تقل عن 30% من عدد السعوديين» أي مساكن تخصهم، ويقطنون في مساكن مؤقتة إما عند ذويهم أو عن طريق الاستئجار. وفي ظل الظروف الاقتصادية ونظام الإقراض المتبع من المؤسسات النقدية والبنوك، نجد أنه من الصعوبة على أي شاب أن يملك سكنا خاصا به مهما بلغ راتبه، أقصد المرتبات الوظيفية في وزارة الخدمة المدنية؛ ذلك أن متطلبات الحياة أصبحت كثيرة وليس من السهل اليوم تجميع مبالغ لشراء أرض ثم بناؤها حتى لو ادخر الموظف نصف راتبه لمدة عشرين سنة. هذه المشكلة قد لا توجد في دول أخرى ممن تساهم فيها البنوك بدور فعال وتمنح قروضا طويلة المدى، تسدد على مدى 30 أو 40 عاما؛ ولهذا فإن الشاب يمكنه أن يمتلك منزلا وهو في سن الثلاثين أو الأربعين، وليس مضطرا للانتظار حتى يبلغ من العمر عتيا. كما وأن البنوك عندنا ليست مستعدة لتقديم خدمات للمواطنين مقابل ربح مناسب، فهي تبحث عن الربح الضخم والسريع من خلال القروض الصغيرة قصيرة الأجل؛ كما يتضح من قوائم ربح البنوك السنوية. ولهذا فإنه لا يتبادر في الأفق أي حل مناسب لمواجهة مشكلة توفير مساكن للمواطنين إلا بإطلاق حملة وطنية تعاونية لإسكان الشباب على هيئة إنشاء وحدات سكنية لا تقل مساحتها عن 150م وتكلفتها 200.000 ريال من واقع مساهمة البنوك بنسبة ربحية 2% فقط تناقصية مقابل استفادتهم من أرباح الحسابات الجارية خلال العقود السابقة. وكذلك الجهات الحكومية والشبه حكومية والقطاع الخاص وحتى تكون المبالغ متوفرة فيجب تضافر الجميع للإسهام في حل هذا البرنامج على النحو التالي: 1- مساهمة جميع البنوك بحصة من تكاليف البناء خدمة تعاونية للمجتمع مقابل مصاريف إدارية بسيطة. 2- المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ومصلحة المعاشات والتقاعد مقابل الاستفادة من النسب المستقطعة من رواتب الموظفين والعاملين. 3- مصلحة الزكاة والدخل لمساعدة غير القادرين على دفع إيجارات مساكنهم. 4- مساهمة الشركات الكبرى مثل أرامكوا وسابك وغيرهما من القطاع الخاص في هذه الحملة الوطنية لتأمين مساكن للشباب. 5- مساهمة صندوق البنك العقاري بقيمة القروض. ويتم التنفيذ بطريقة المجمعات السكنية ذات الأدوار المتعددة والمتكاملة الخدمات والبنية التحتية، بما يساهم في تخفيض تكاليف الإنشاء وبالتالي تكلفة الوحدة السكنية على المواطن وانخفاض قيمة القسط الشهري. م.فؤاد بن صالح النافع