«كثيرة هي الوجوه الإعلامية لكن بعضها يمر بجانب الإعلام، وبعضها وهو الأهم والنادر يصنع الإعلام..» عبارة معبرة سمعتها منه في آخر مكالمة هاتفية بيننا، وهي تختصر عمق المسافة بين الإعلامي الموهوب والإعلامي المصنوع. كانت النجومية في مباريات كرة القدم المنقولة تلفزيونيا يتقاسمها اللاعبون والمعلقون وأحيانا الحكام، لكن من النادر أن يكون المخرج نجما ومحور جذب لفلاشات الإعلام. وللأمانة كان «المايسترو» من هؤلاء النادرين في إبداعهم ونجوميتهم، حيث جعل من الإخراج التلفزيوني للمباريات متعة أخرى تجذب المشاهد. لكل هذا لم يكن مستغربا أن يصبح «المايسترو» مدير واحدة من أهم المحطات التلفزيونية المناطقية. أتذكر في أول تجربة تلفزيونية خضتها وكانت علامة فارقة في مشواري المتواضع وهو برنامج «أوراق ملونة»، أن «المايسترو» قدم لأسرة البرنامج كل العون والتوجيه لإنجاز ما تم تصويره من خلال محطته. ولأن القائمين على MBC أرادوها محطة مميزة وغير عادية منذ اللحظة الأولى لم يجدوا أفضل من «المايسترو» ليرسم لها ملامح الانطلاقة وهي المرحلة الأهم لقطف نجاح مبكر. ذات حديث شفاف سألته ما هو سلاحه ضد أعداء النجاح فقال: الصبر والصدق هما زادي وقنديلي في كل خطوة أخطوها، ولن يقف شيء أمام ما قسمه الله لي. عندما غادر العمل الرسمي بعد أن وصل منصب المسؤول الأول عن التلفزيون بكل قنواته، لم ينتظر طويلا بعيدا عن الكاميرا، حيث قاد أول محطة متخصصة وهي «الاقتصادية»، وفي الوقت الذي تعثرت فيه كثير من المحطات الخاصة بعد فترة قصيرة من انطلاقتها إلا أنه تمكن بخبرته وفكره من ضمان استمرارية النجاح وتصاعده للقناة حتى بعد أن غادرها. ولأن الصبر والصدق زاده اختاره وزير الثقافة والإعلام الحالي مستشارا يضع الخطوط العريضة لمرحلة أكثر تميزا للتلفزيون والإذاعة السعودية. «المايسترو» طارق ريري بعيني المخرج المتمكن من أدواته وزواياه وفكره، ما زال يضع البصمة تلو الأخرى لأنه باختصار ممن يصنعون الإعلام.