رأى المؤرخ المغربي عضو مجمع اللغة العربية في القاهرة الدكتور عبد الهادي التازي «أن وسائل الإعلام بلغت من القوة ما جعلها تفرض اختياراتها اللغوية في الأسلوب والتعبير، وفي المصطلح العلمي». وأفاد التازي في محاضرته «وسائل الإعلام والاستجابة الآنية لاحتياجات اللغة» التي ألقاها ضمن المؤتمر السنوي للمجمع في القاهرة أخيرا، «أن ما يعزز قوة وسائل الإعلام في فرض اختياراتها اللغوية الحاجة الآنية إلى الاستعمال السريع، وهو ما يحمل المشرفين على التعليم في البلاد العربية على الاعتماد على ما يصدر عن وسائل الإعلام، قبل أن تصلهم التقارير الطويلة التي تصدر عن اللجان الفرعية للمجامع العربية». وخاطب التازي زملاءه المجمعيين قائلا: «أتحدى من ينكر على الإعلاميين اجتهاداتهم في الوصول إلى الحقائق، وفي الوصول إلى أسرار اللغة». واعتبر «أن وسائل الإعلام تقدم ما يمكن أن نسميه المبادرات اللغوية في مختلف المجالات الحياتية، التي تبدو في الأفق»، ولم يتردد التازي في الإشارة إلى أن التنافس جعل من وسائل الإعلام مراكز ثقافية ومجامع عربية. وأضاف: «أن الإعلام وسيلة فعالة لترويج اللغة العربية على أوسع نطاق، وهو أيضا مدرسة حاضرة جعلت من اللغة العربية لغة حية في البيت والكوخ والسهل والجبل، فوسائل الإعلامص تجعل مجالسنا مجالس مذاكرة ومناقشة حول الدال والمدلول والفروع والأصول». ودعا إلى تواصل مستمر بين الإعلامي والمجمعي لخدمة العلم ونشر المعرفة، متسائلا في السياق نفسه عن المساعدات التي يقدمها المجمعيون لأجهزة الإعلام. غير أن هذا الموقف الإيجابي بخصوص دور وسائل الإعلام في خدمة اللغة، لم يمنع التازي من الوقوف على «المشكل القائم في بعض البلدان العربية، ومنها بلاد المغرب التي تجتاز بعض مجلاتها، في الظروف الحالية، تجربة الجمع بين الفصحى والدارجة». وقال في هذا الصدد مخاطبا المجمعيين «أريد التساؤل حول ما إذا كان حريا بنا كمجمعيين أن نتصدى في وسائل الإعلام المتوافرة لدينا لمثل هذه الآفة التي تستشري فيما بيننا، وأن نفرض صوتنا على الآخرين دون أن ننتظر اجتماعاتنا الموسمية لنصدر توصيات قد تسمع وقد لا تسمع». وخلص عبد الهادي التازي إلى الدعوة إلى ميثاق شراكة بين وسائل الإعلام وهيئة المجمع؛ من أجل تبادل المعلومات والتعاون حول كل ما يتصل باستعمال المصطلح والحفاظ على اللغة العربية وإثرائها وحمايتها من كل التشويهات التي تلحقها. وتناول مجمع اللغة العربية في القاهرة للمرة الثانية في مؤتمره السنوي، موضوع «اللغة العربية والإعلام»، حيث سبق أن خصص مؤتمرا في عام 2001 للموضوع نفسه.