لم تكن مطالبة جمعية حقوق الإنسان بشأن وضع حد لنظام الكفيل بالأمر الجديد، لكن من الجيد الاستمرار في التطرق إلى الأمر من وقت لآخر، فنحن سريعو النسيان. قضية الكفيل تثير الرأي العام ضدنا منذ عقود. ولن أكذب أو أدعي أن نظاما كهذا يحفظ حقوق المجتمع أو أنه من متطلبات خصوصيتنا والظلم فيه استثناء. فهو لا يضمن حقوق المجتمع بقدر ما يعطي الكفيل حقا يسيء استخدامه، كما أن من غير المنطقي افتراض سوء النية في كل من يعمل لدينا، فبعضهم يعيش بيننا عشرات السنين، وما يزالون يحملون الصفة ذاتها «أجانب» حتى أصبحت الكلمة مرادفة للاختلاف. من غير المنطقي افتراض أن الإنسان الذي ترك وراءه عائلة وأطفالا صغارا يبيت نية سيئة على الدوام. وكلنا يعلم أن الإنسان عندما يكون غريبا عن مجتمعه فهو أكثر حرصا على مجانبة الحائط والحؤول دون الخطأ واختلاق المشاكل له أو لمن يعمل معه. ولمن يقول بأن نظام الكفيل يحفظ حقوق الكفيل، فإني أسأل: ومن يضمن حقوق العامل من أن يتلاعب بها الكفيل نفسه؟. مشكلة نظام الكفالة لا تتعلق بالنظام، بل بالكفيل بحد ذاته. فالنفس البشرية تميل إلى التعسف في استخدام حق أعطي لها أمام آخر سلب منه حق مماثل. وإن كان من العدل أن نحفظ حق الكفيل، فمن الحق والمطلوب أيضا أن نصون إنسانية العامل ونحفظ حقه. عندما يصبح هذا العامل محروما من حق التنقل داخل البلاد دون موافقة الكفيل فهذا ظلم. عندما يحرم من السفر إلى بلده دون موافقة الكفيل فهذا ظلم. عندما يحرم من استقدام أهله دون موافقة الكفيل فهذا ظلم. هناك ألف طريقة وطريقة نحفظ بها حق الكفيل دون أن نمس سلامة العمل أو العامل، ولنا عبرة في تجارب الدول الأخرى وحتى اللصيقة بنا والأكثر ثراء منا. نحن ننفتح على العالم، ونتطور في مجالات كثيرة هنا وهناك. وكما هي الدولة حريصة على تطور المواطن فعلى عاتقها أيضا مسؤولية تطور أي إنسان يعيش على أرضها. ولن يتطور إنسان محروم من أبسط حقوقه، بل إن العكس هو ما سيحدث، إذ قد يتحول العامل البسيط إلى عنصر خطر عندما يستشعر أن حياته ومستقبله وعائلته محكومة بمزاجية كفيل قد لا يعرف الفرق بين الألف والباء. [email protected]