كثيرا ما (يشخص) بعض المديرين أحد مرؤوسيهم وبجرة قلم بأنه (غير صالح للعمل) لمجرد أنه أخفق في إنجاز العمل المناط به أو ربما لأنه لم يؤد العمل بالشكل المطلوب، ولنقل كما يريد المدير!.. مع أن هذا المصطلح (المختزل) يفهم منه إذا أردنا الدقة والموضوعية أن الموظف عديم القدرات والإمكانات. وهذا يعني فيما يعني أحد أمرين إما أنه لا يحضر للعمل نهائيا.. أو يحضر بجسده فقط..! فطالما أن الموظف يحضر للعمل في الموعد المحدد ولا يتغيب بشكل ملفت أو يخرج بدون إذن ويمارس عمله «وإن بشكل غير مرض» فهذا مؤشر على أنه يحترم العمل بالمفهوم العام ولديه الرغبة في العطاء وثمة خلل يحول دون تأديته عمله بالشكل المبتغى. أثار هذا الموضوع زيارة قمت بها لأحد المديرين العموميين في إحدى الدوائر وأثناء الحديث ورده خطاب قرأه بصمت وابتسم ابتسامة تحمل الكثير من الغبطة والإعجاب الأمر الذي أثار فضولي فسألته ما الأمر؟، فأجاب وهو يومىء برأسه والابتسامة ما برحت تغمر محياه: هكذا يجب أن يكون المدير. فازداد فضولي لكني ترددت في سؤاله ثانية لعل الأمر سري ولا يريد أن يطلعني عليه، لكنه بادرني بالقول وكأنه يود أن أشاركه غبطته إن هذا الخطاب من أحد مديري الإدارات يوصي بنقل أحد موظفيه إلى أية إدارة أخرى، ومبعث إعجابي أنه استخدم مصطلحا علميا (راقيا) ينم عن سعة أفق هذا المدير واستقامة تفكيره وحسن تدبيره. فقد أشار في ثنايا خطابه واصفا الموظف المراد نقله بأنه (غير متكيف مع جو العمل) ولعله يجد المناخ المناسب في إدارة أخرى مكتفيا بهذا القدر. بالفعل ياله من مدير حصيف ومتفهم فهو لا شك لم يطلق هذا الوصف على عواهنه، فالأكيد أنه أراد أن يقول إن لكل مدير أسلوبه وطريقته في تسيير دفة إدارته. فما يناسب هذا الموظف قد لا يناسب الآخر، وما يروق لهؤلاء قد لا يتقبله أولئك تبعا لاختلاف الموظفين وتباين استجاباتهم، أكثر ما أعجبني بهذا المدير أنه لم يحمل (بضم الياء) الموظف مسؤولية إخفاقه كاملة بل شاركه بعض المسؤولية ولو ضمنيا فكونه استخدم مصطلح «غير متكيف» معنى ذلك أن العيب ليس بالضرورة في الموظف، والمجال لايزال متسعا والفرص كثيرة لإثبات كفاءته والاستفادة منه إذا وجد المكان المناسب. بدليل أنه أي المدير لم يشر لا من بعيد ولا من قريب إلى ضعف قدرات الموظف أو محدودية إمكاناته أو عدميتها كما يفعل بعض المديرين باستخدامهم المصطلح (غير صالح للعمل) فهؤلاء لا هم لهم إلا تبرئة ساحتهم والتخلص من ذلك الموظف كيفما اتفق، دون مراعاة لتبعات ذلك السلوك التي من جملتها الإساءة لسيرته الذاتية وربما طي قيده دون وجه حق. أتمنى على هؤلاء المديرين التحلي بالموضوعية ورجاحة الفكر وأن يسموا الأشياء بمسمياتها وألا يستخدموا ذلك المصطلح وما شابهه من نعوت وتشخيصات إلا لمستحقيها بالفعل. وخلاف ذلك يعتبر تجنيا على الموظف والحكم عليه بالفشل في حياته العملية. تبقى كلمة أخيرة لابد من قولها، وهي أن مصطلح «غير صالح للعمل» بالمطلق تعني أن الموظف لايصلح للعمل في أية إدارة أو منظومة عمل. فهل لدى المدير الدليل الحاسم والجازم على صحة زعمه؟. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة