بالقرب من محطة تحلية المياه في الشعيبة، تقبع بين كثبان رملية قرية البريقة أو المزنان، التابعة لمركز السعدية (80 كيلو مترا، جنوبي مكةالمكرمة) التي يعتبرها السكان فريدة من نوعها على مستوى المنطقة، إذ قهرت الظروف ساكنيها وأجبرتهم على اتخاذ الخيام ملاذا لأسرهم، يجابهون تارة غبار الساحل وأخرى الشمس الحارقة. القرية مكونة من 20 خيمة متناثرة على الرمال، تقطنها قبيلة واحدة (المزيني)، ولكل خيمة قصة مختلفة مع المعاناة والأسى. ورغم أن القرية لا تبعد سوى ثلاثة كيلو مترات عن محطة الشعيبة التي تنتج إلى جانب المياه المحلاة، آلاف الميجاوات من الطاقة الكهربائية يوميا، إلا أنها لا تعرف من تلك الخدمات شيئا، إذ تشترك تلك الخيام في افتقارها إلى أبسط مقومات الحياة، من كهرباء وماء. وأوضح بخيت المزيني (50 عاما) الذي يقطن القرية منذ صغره، أن علاقتهم بهذه البقعة من الأرض تعود إلى زهاء 100 عام، حين كان أسلافه يتنقلون بمواشيهم بحثا عن الكلأ والماء، مضيفا «ذات الطريقة التي عاش بها أجدادنا يعيش عليها اليوم ساكنو القرية، إذ يعتمدون بشكل مباشر على مواشيهم في توفير متطلبات الحياة». وزاد المزيني «نعاني بشكل مستمر من هبوب الرياح التي تقتلع خيامنا أحيانا، ناهيك عن الأتربة والغبار الذي نرزح تحت وطأته، بالإضافة إلى هطول الأمطار التي تقطع علينا السبل وتجبرنا على ملازمة الخيام حتى تجف الأرض». وفي الجهة المقابلة، كان المواطن عطيان المزيني (110 أعوام) ملازما فراشه في جوار خيمته المتهالكة، وتحدث ل «عكاظ» قائلا «رغم تقدمي في العمر، إلا أني ما زلت أتدبر أمور رعاية أغنامي، حتى أتمكن من سد رمق أسرتي». وخلص إلى أن القرية تعج بالكثير من الحالات الإنسانية الحرجة، فهناك العديد من الصم والبكم يعيشون حياتهم دون معونات أو رعاية، بالإضافة للأطفال الذين يقطعون مسافة 24 كيلو مترا ذهابا وإيابا بهدف الانتظام على مقاعد الدراسة، إذ تخلو قريتهم من مدارس أو مجمعات تعليمية. إزاء ذلك، أوضح مدير جمعية البر لقرى جنوبي مكةالمكرمة عابد الحسيني، أن المعونات التي تحتاجها القرية، تفوق الإمكانات والخدمات المقدمة لهم من الجمعية، مضيفا «ساهمنا في بناء مسجد مؤقت لهم حتى يتمكنوا من أداء صلواتهم، ونمدهم بالسلال الغذائية واللحف، بيد أن ذلك لا يكفي فهم يحتاجون إلى خدمات ورعاية أكثر».