أكد ل«عكاظ» عضو هيئة كبار العلماء الدكتور قيس آل الشيخ مبارك أن إلغاء العقل والركون للتقليد آفة من أسوأ الآفات، مبينا «يكفي من سوئها أن ينقاد المقلد لأمر المقلد انقيادا أعمى، حتى لو أمره بتفجير أو تدمير، سواء في منشآت ومصانع أو في أفراد أبرياء عزل تقتلهم، وترهب الآمنين في بيوتهم من أفراد المجتمع، كما هو حال طائفة من الشباب الشاردين عن هدي النبوة». وأوضح المبارك أن ذلك لم يكن إلا لأنهم رضوا لأنفسهم أن يبقوا على ثقافة عرجاء، لا ترى إلا بعين واحدة، مبينا أن هذا مخالف للثقافة الإسلامية القائمة على توسيع دائرة العلم والحوار فيه. وبين عضو هيئة كبار العلماء «يشهد لتوسيع دائرة العلم تاريخنا وما تتناقله كتب الفقه من حوارات علمية ولقاءات معرفية، فقد كان العلماء يتمدحون بكثرة الشيوخ، ويعدون من النقص الاقتصار على شيخ واحد يبقى بسببه العقل مغلقا على آرائه واجتهاداته، ذلك أن من أسباب اختلال التفكير وفساد الذوق أن يقتصر الشرب من كف واحدة، كما أن من صلاح الذوق أن يشرب الإنسان من أكف متعددة ومشارب متنوعة، فتقوى عنده حاسة التذوق للأشياء والإدراك للمعاني». وزاد «جعلت الشريعة الإسلامية من أهم مقاصدها في إقامة بنيان الأمة الاجتماعي ونظامها الأخلاقي أن ترعى إصلاح عقل المسلم وأن تفرض السداد في طرق التفكير عنده، وهذا المعنى نلحظه من النصوص القرآنية والحديثية، ومن التصرفات النبوية الشريفة، فلا وجه لاستدعاء العقول للنظر والتدبر والاعتبار إلا إصلاح التفكير». وأكد أن الإسلام عد تخلي الإنسان عن نعمة العقل والذهول عن إدراك الحقائق والخطأ في سلوك السبيل إليها، من أعظم الرزايا والمصائب، مستشهدا بقول الله تعالى (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)، موضحا «وما ذلك إلا أنه لا فرق بين إنسان ينقاد، وبهيمة تقاد». وأشار إلى أن الإسلام عاب على العرب انصرافهم عن الاختيار الناشئ عن نظر وتدبر، وتعويلهم على اختيار غيرهم، انتصارا لعاطفة القرابة، وركونا إلى التقليد في مواطن الاعتقاد فقال (قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) وهو سلوك مخالف للفطرة الإنسانية. وجزم المبارك «أن ما تعانيه أمتنا اليوم من انتشار أفكار شاذة خارجة عن الثقافة الإسلامية، كان سببا لتشويه صورة الإسلام عند غير المسلمين، بل لقد اتخذ الغرب من سلوك هؤلاء الشباب ذريعة لتشويه صورة الإسلام، فأصبحوا يصفون المسلمين بالتطرف، وينعتون الإسلام بما هو منه براء، بل صار العمل المشين إذا وقع في بلاد الغرب يسمونه إرهابا إن كان فاعله مسلما، ويسمونه خطأ أو عملا جنائيا إذا كان فاعله غير مسلم».