تساءل أخونا الكاتب خالد السليمان في مقاله الذي يحمل عنوان (ربيع قرطبة)؛ عما إذا كان إصرار بعض السواح المسلمين على الصلاة في جامع قرطبة سوف يعيد للمدينة ربيعها وللإسلام مجده، وذلك في معرض تعليقه على خبر اشتباك عدد من السياح المسلمين الزائرين لمدينة قرطبة مع الشرطة الإسبانية، بعد قيامهم برفع الآذان ومحاولة إقامة الصلاة في الجامع الكبير، مشيرا إلى زيارة قام بها عام 1986ه مع والده للجامع، حيث لاحظ قيام بعض المصلين بالصلاة في المسجد فلم يمنعهم أحد من ذلك، متسائلا عما تغير بين ذلك التاريخ واليوم حتى يدخل الزوار في شد وجذب مع الشرطة الإسبانية، إذا رغبوا في الصلاة بجامع قرطبة! وقبل الإجابة على بعض تساؤلات الكاتب السليمان، وبحكم معلوماتي عن ذلك الجامع والدولة الإسبانية ومن يزورها من السياح المسلمين، أقدم بعض المعلومات اللطيفة عن جامع قرطبة؛ وهي مدينة قديمة تأسست قبل الميلاد، ثم أصبحت عاصمة للدولة الأموية في الأندلس (إسبانيا) عام 139ه على الأرجح، عندما جاء صقر قريش عبد الرحمن الداخل إلى هناك لتأسيس دولة أموية في الغرب إثر سقوط دولتهم في المشرق، فكان أول ما قام به بعد اختياره لقرطبة عاصمة لدولته، البدء في إنشاء جامع كبير للعاصمة يحمل اسمها، وقد بناه فجعله تحفة معمارية وهندسية، وزاد في مساحته من جاء بعده من أمراء بني أمية في الأندلس وظلت مآذنه تصدح بالأذان: الله أكبر عدة قرون، فلما خسر المسلمون الأندلس (الفردوس المفقود) لف جامع قرطبة الوجوم، بل إن مساجد صغيرة في بعض مدن الأندلس مثل (طليطلة) تحول إلى مراقص ل(الفلمنكو) وقد رأيت ذلك بأم عيني خلال إحدى زياراتي لإسبانيا! أما مسألة الصلاة في جامع قرطبة التي لاحظ الكاتب أنها كانت مسموحا بها ثم منعت في الآونة الأخيرة، فإن الإسبان لا يعتبرون الجامع مكان عبادة للمسلمين؛ لأنهم حولوه إلى (كاتدرائية)؛ أي كنيسة كبرى منذ سبعة قرون كما ذكر الكاتب، وكانوا يتغاضون عمن يدخله ويصلي في أحد جنباته سنة تحية المسجد، ولا يسمحون بدخول منطقة المحراب بدعوى عدم التأثير على ما فيها من نقوش وآثار، لكن الذي يحصل أن بعض السياح المسلمين يصحب دخولهم جلبة ورفع للآذان وتجمع لأداء الصلاة جماعة، وبعضهم يكون مظهره متشددا، ونبرة صوته عالية، وخطابه حماسي، وكل ذلك يستفز حراس الجامع وربما يثير فضول ومخاوف بقية السياح من غير المسلمين، يضاف إلى ذلك (السمعة) التي جلبها بعض المسلمين لدينهم وأمتهم، بما يعطي حرس الجامع ذريعة للتدخل ومنع الصلاة فيه، ولكن هل تغني مثل هذه التظاهرات وهل ستعيد للمسلمين الفردوس المفقود، أم أنه مجرد تسجيل موقف ظاهر والله أعلم بالسرائر؟! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة