يتسم عالم اليوم بتوسع التجارة العالمية وتسريع النمو الاقتصادي وتطور وسائل الاتصالات وربط الأسواق بعضها ببعض وتطوير التقنية وزيادة حركة الاتصال بين الدول والشعوب. كما ازداد عدد سكان العالم بنسبة 50 في المائة خلال 50 سنة، وتزايدت حاجات بلايين السكان في العالم الذي ينمو بسرعة، خاصة في الصين والهند، مما يزيد الحاجة إلى الطاقة من جميع المصادر التقليدية والبديلة. وتدرك المملكة دورها الأساس في تزويد العالم باحتياجاته الحالية والمستقبلية من الطاقة، وفي نفس الوقت تأخذ في اعتبارها العلاقات المتداخلة بين إنتاج الطاقة واستهلاكها وحماية البيئة وصيانتها والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. وانطلاقا من تفهمها للالتزامات التي قطعتها المملكة في سبيل المحافظة على مواردها البترولية الناضبة واستغلالها وإدارتها بكفاءة وفاعلية وإطالة أمدها بغرض دعم مسيرة التنمية المستدامة وتحقيق الرخاء والرفاهية للأجيال اللاحقة، بادرت السعودية عام 2007 في الرياض إلى تخصيص مبلغ 300 مليون دولار كنواة لإدارة صندوق لأبحاث الطاقة المتجددة والبيئة والتغير المناخي، والعمل مع الدول المتقدمة والمؤسسات والمنظمات العالمية من أجل تسهيل الاستثمار في التقنية ونقلها إلى المملكة بغرض تنويع اقتصادات دولنا وتحقيق الرخاء الاجتماعي والتنمية المستدامة. وحرصت المملكة على المشاركة الفاعلة في جميع الجهود الدولية التي تهدف إلى ردم الفجوة التنموية بين الدول الغنية والدول الفقيرة وتمكين الدول الفقيرة من حرية الوصول إلى موارد الطاقة (وسبق للمملكة أن أنشأت صندوقا لدعم الطاقة في الدول الفقيرة التي عانت من ارتفاع أسعار النفط في فترات زمنية سابقة). وأبدت المملكة في العديد من المحافل الدولية التزامها بالعمل على تطوير تكنولوجيات الطاقة المتجددة، وفي طليعتها الذرية والشمسية، إلى جانب خفض الانبعاثات من الوقود التقليدي التي يعتقد بعض العلماء أنها السبب في التغير المناخي في صورة الاحتباس الحراري، بتحسين كفاءة الاستهلاك وجمع الكربون واحتجازه. وبالتالي ستواكب الاستثمارات في مصادر الطاقة البديلة استثمارات موازية في تطوير استخدامات نظيفة للطاقة التقليدية. ولهذا فإن اتجاه المملكة نحو تفعيل الاستخدام السلمي للطاقة الذرية سيمكنها من استشراف حاجة المجتمع، والتخطيط لتلبية الاحتياجات الوطنية في توليد الكهرباء وتحلية المياه وتحضير النظائر المشعة للاستخدامات الطبية والزراعية والصحية والصناعية. وذلك مما يعظم الفائدة ويعطي المملكة دورا رياديا في هذا المجال الحيوي، وتزيد من شراكاتها في تكنولوجيا المستقبل بالإضافة إلى دعم التطور التقني في المملكة وزيادة فرص الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة وتوفير مزيد من فرص عمل لتحفيز التنوع الاقتصادي وتنويع مصادر إمداد الطاقة في المملكة وتسهيل إمداد المناطق النائية بالطاقة وخفض تكلفتها. مزيد من التفاصيل * أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز جدة