شاركت المملكة بفعالية كبيرة في مؤتمرات التنمية المستدامة التي تربط التنمية الاقتصادية والاجتماعية بحماية البيئة، بدءا بمؤتمر الأممالمتحدة المعني بالبيئة والتنمية (مؤتمر قمة الأرض الأولى) الذي عقد عام 1992م في (ريو دي جانيرو، في البرازيل) حيث تم خلاله اعتماد جدول أعمال القرن 21 ومبادئ ريو. ولهذا تم إنشاء لجنة التنمية المستدامة لرصد جوانب التقدم المحرزة في تنفيذ جدول أعمال القرن 21 وخطة عمل بربادوس وبرنامج عمل جوهانسبرغ الذي أقر في القمة الثانية عام 2002م، على الأصعدة الوطني والإقليمي والدولي. وتجتمع اللجنة سنوياً في نيويورك في إطار دورات زمنية لأعمال الاستعراض وتحديد السياسات مدة كل منها سنتان. وخصصت الدورة الحالية لمناقشة التطورات الخاصة بالنقل، والمواد الكيميائية، إدارة النفايات، التعدين، ورسم إطار السنوات العشر للبرامج المتعلقة بأنماط الاستهلاك والإنتاج. ولهذا تقدمت معظم دول العالم التي اجتمعت في مقر الأممالمتحدة في نيويورك بإنجازاتها في المجالات المعنية بالدورة الثامنة عشرة للجنة الأممالمتحدة للتنمية المستدامة. وخلال الاجتماع الرفيع المستوى للدورة وضح صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة، أن المملكة حققت تقدماً ملحوظاًً في الخطوات والإجراءات التي اتخذتها بالنسبة لمجموعة الموضوعات الخاصة بالدورة والتي تعتبر ذات أهمية للتنمية في المملكة، حيث تسعى الحكومة السعودية للاستفادة من الثروة البترولية وتوجيه عائدات الثروة النفطية لتنفيذ خطط تنموية سليمة واستراتيجية تحقق التوازن ما بين رفاهية المواطن والتنمية الحضارية الشاملة والمتوازنة والمستدامة. ولهذا تولي المملكة اهتماما كبيرا بحماية البيئة وإنماء مواردها وتعمل على إيجاد توازن بين المتطلبات والاعتبارات البيئية وترشيد استخدام الموارد المتاحة والتنمية والتطوير في مختلف المجالات، من خلال التخطيط الشامل للتنمية في كافة قطاعاتها بما يحقق مفهوم التنمية المستدامة وهو الهدف الأسمى الذي تسعى إليه كل دول العالم. المحور الأول: قطاع النقل والتعدين: إدراكا لأهمية مساهمة الموارد الطبيعية فى تحقيق التنمية الاقتصادية ونوعية الحياة، أشار الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة إلى ما حققته وتحققه المملكة في قطاع النقل وهو عنصر مهم ليس فقط في مجال التنمية الاقتصادية وإنما أيضاً في التنمية الاجتماعية والاستراتيجية ومكافحة الفقر وأهمية ربط مناطق الإنتاج بمناطق الاستهلاك والتصدير وربط المناطق السياحية بالمناطق التي يتركز فيها السكان. فعالمنا اليوم يتسم بتوسع التجارة العالمية وتسريع النمو الاقتصادي وتطور وسائل الاتصالات وربط الأسواق بعضها ببعض وتطوير التقنية وزيادة حركة الاتصال بين الدول والشعوب. ولهذا بين سموه أن المملكة تعمل الآن في أهم 3 مشاريع هي: قطار الشمال والجنوب الذي يتكون من فرعين أحدهما لنقل المعادن من مناطق التعدين من شمال غرب ووسط المملكة إلى ميناء رأس الزور على الساحل الشرقي للمملكة والآخر لنقل الركاب، وقطار الحرمين وهو عبارة عن خطوط حديدية مكهربة تربط الحرمين بقطارات سريعة بأحدث التقنيات. والجسر البري الذي يعمل على ربط موانىء المملكة الرئيسة في جدة على الساحل الغربي والرياض في الوسط وعلى الساحل الشرقي. وأضاف أن المملكة قامت بإنشاء آلاف الكيلو مترات من خطوط الأنابيب من الشرق إلى الغرب لنقل البترول والغاز والذي أدى إلى تسهيل نقلها والاستغناء عن 5000 شاحنة نقل يومياً كون لصناعة التعدين أهمية كبرى في المملكة حيث تقوم عليها الكثير من الصناعات المهمة، مؤكدا سموه أن هذا القطاع سيزداد أهمية وسينمو بشكل أسرع مع اكتمال إنشاء مشروع شبكة السكك الحديدية الذي سيساهم في ربط مدن المملكة الكبرى وفي دعم هذه الصناعة وتحقيق التنمية المستدامة. المحور الثاني: المواد الكيميائية وإدارة النفايات: وأشار إلى أن المواد الكيماوية تلعب دوراً رئيساً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعالم كله، كما أنها أساسية للتنمية المستدامة لذلك اتضحت الحاجة لوضع منهج عالمي لتناول قضايا التعامل مع المواد الكيماوية واستخداماتها وللحد من مخاطرها على الصحة والبيئة والتخلص منها. وأكد أن المملكة أولت في استراتيجياتها الوطنية للسلامة الكيماوية على تحقيق التناسق مع المناهج الدولية الخاصة بالسلامة الكيماوية، مشدداً على ضرورة تحقيق التجانس والتآزر بين الاتفاقات الدولية المعنية بالمواد الكيماوية والنفايات الخطرة بما يكفل تحقيق التعاون وتخطيط العمل وتناول القضايا العامة المشتركة مثل: الاستيراد والتصدير وقضايا التخلص من الكيماويات والإتجار غير المشروع بها وعدم الالتزام بالاتفاقات وفض المنازعات والالتزام بالمسؤولية ودعم المؤسسات وتقديم المساعدات المالية والفنية للدول النامية. المحور الثالث: إطار السنوات العشر للبرامج المتعلقة بأنماط الاستهلاك والإنتاج: تسعى المملكة إلى استخدام مبادئ الإنتاج الأنظف وأنسب التكنولوجيات المتاحة وأفضل الممارسات البيئية لدعم كفاءة استخدام الموارد الطبيعية والبيئية والحد من تولد المخلفات وآثارها السلبية والمخاطر الواقعة على الجودة البيئية وصحة الإنسان، وكذلك إدارة جودة وكمية المياه السطحية والجوفية والمياه الساحلية لتحقيق التوازن بين المتطلبات الحالية ومتطلبات المستقبل من أنظمة بيئية ومجتمعات وزراعة وصناعة. وقال الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة في كلمته أمام وفود دول العالم، إن المملكة حققت نجاحات عدة في مجالات الاستهلاك والإنتاج المستدام على النحو الذي تناوله الإطار العشري، ففي قطاع الطاقة تأخذ المملكة في اعتبارها العلاقات المتداخلة بين إنتاج الطاقة واستهلاكها وحماية البيئة وصيانتها والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، فتضمنت البرامج تحسين كفاءة إنتاج واستهلاك الكهرباء، تطوير وتنمية استخدام وسائط النقل العام لخفض استهلاكها من الطاقة وخفض الانبعاثات من قطاع النقل بالإضافة إلى تطوير وتنمية استخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة ومصادر الوقود الأنظف في خليط الطاقة، حيث تم إنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والطاقات المتجددة. وفي مجال إدارة الموارد المائية: فتشكل ندرة موارد المياه أحد أكبر التحديات في المملكة لذلك تبذل الجهود لتشجيع برامج الإدارة المتكاملة للموارد المائية بما في ذلك تعزيز كفاءة استخدام المياه، وتطوير نظم الصرف الصحي وإعادة الاستخدام والاستخدام الآمن لمياه الصرف، بالإضافة إلى تطوير موارد غير تقليدية مثل الإنتاج المزدوج لمحطات تحلية مياه البحر (لإنتاج المياه والكهرباء) والتوسع في استخدام الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة. وقد أبدت المملكة في العديد من المحافل الدولية التزامها بالعمل على تطوير تكنولوجيات الطاقة المتجددة، وفي طليعتها الذرية والشمسية، إلى جانب خفض الانبعاثات من الوقود التقليدي التي يعتقد بعض العلماء أنها السبب في التغير المناخي في صورة الاحتباس الحراري، بتحسين كفاءة الاستهلاك وجمع الكربون واحتجازه، وبالتالي ستواكب الاستثمارات في مصادر الطاقة البديلة استثمارات موازية في تطوير استخدامات نظيفة للطاقة التقليدية. ولهذا فإن اتجاه المملكة نحو تفعيل الاستخدام السلمي للطاقة الذرية سيمكنها من استشراف حاجة المجتمع، والتخطيط لتلبية الاحتياجات الوطنية في توليد الكهرباء وتحلية المياه وتحضير النظائر المشعة للاستخدامات الطبية والزراعية والصحية والصناعية؛ وذلك مما يعظم الفائدة ويعطي المملكة دوراً ريادياً في هذا المجال الحيوي، وتزيد من شراكاتها في تكنولوجيا المستقبل بالإضافة إلى دعم التطور التقني في المملكة وزيادة فرص الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة وتوفير مزيد من فرص عمل لتحفيز التنوع الاقتصادي وتنويع مصادر إمداد الطاقة في المملكة العربية السعودية وتسهيل إمداد المناطق النائية بالطاقة وخفض تكلفتها.