يتنفس عابد بن سليم الحسني عضو المجلس البلدي في مكةالمكرمة العمل الخيري يوميا، كتنفسه الهواء. ففي الوقت الذي يتوارى المتقاعسون ويركض المتقاعدون خلف الجلسات الهامشية، يظهر الحسني كمؤسسة خيرية متنقلة يجوب أكثر من 50 قرية جنوبي الحرم المكي، يطعم الفقير، يعلم الجاهل، يؤهل العاطل، يزوج الأعزب، يرعى اليتيم، ويفرج عن المكروب. أكثر من عشر ساعات يقضيها في إدارة أكبر جمعية خيرية ترعى قرى مكةالمكرمة، هي جمعية البر لقرى جنوبي مكةالمكرمة. وبطاقة الشاب وخبرة الموظف المتمرس يواصل العمل في قرى تستحيل الحياة فيها لضعف خدماتها وبناها التحتية. الحسني المسكون بحب العمل الخيري، صقل مهاراته في التعليم الشرعي أولا عن طريق الدراسة في الحرم المكي ليصبح إماما لجامع واحة العدل وعضوا في مندوبية الدعوة والإرشاد، ثم رئيسا لمندوبية الدعوة في حي المعابدة الشهير، وهو ما أكسبه مجموعة خبرات في التعامل مع العامة خاصة المعوزين. ويرى الحسني أن الجهل والفقر صنوان لا يفترقان وبوابتان لبروز المحظور من المشكلات الأسرية والشبابية، الأمر الذي جعله يقطع جذور المحظور من قاعدة التعليم الديني المؤثر على السلوك ومن تحت عباءة التأهيل والتزويج. وبحسه البلدي يؤكد أن توفير الخدمات الضرورية لسكان القرى يسد بوابة الهجرة باتجاه المدن، لذلك بدأ مع الجمعية تنفيذ مشروع ضخم لتوفير المولدات الكهربائية، حفر الآبار الارتوازية، بناء المساجد والمصليات، إنشاء حلق القرآن، تنظيم الحفلات والمهرجانات لسكان القرى النائية، تسهيل أداء حج الفريضة للفقراء منهم، وتأهيل الأسر المنتجة بينهم. لكن التحدي الأهم الذي وضعه الحسني أمامه في أجندة عمله، هو تحويل شتات البدو في وسط الصحارى والقفار إلى قرى نموذجية تتوافر فيها الخدمات وتعين سكانها على بناء قراهم بأنفسهم، في خطوة حولت فريق العمل في الجمعية إلى خلية لا تهدأ.