ركزت المشاركات في الحوار الوطني عبر اللقاءات التحضيرية واللقاءالختامي، على جملة من العوامل التي يتطلع أن ينتج عن رصدها إحداث تغيير جذري مستحق يتم الإعداد له ليواكب المرحلة، وشجعت الأجواء التي استبقت اللقاء الثامن للحوار الوطني: «الخدمات الصحية» حوار بين المجتمع والمؤسسات الصحية، حواء المتخصصة على تقديم خلاصة رؤيتها تقويما واستشرافا لمستقبل القطاع الصحي، في حالة من التكامل مع مناسبات وندوات عقدت أخيرا على أرض الوطن في صورة مركزة لتلفت الانتباه إلى واقع القطاع الصحي وتقاطعه مع هموم المجتمع وأوشك هذا الحراك أن يمنح العام الحالي صفة «عام الصحة» لكثافة ما طال هذا المحور الحساس من مناقشات وبحث عن حلول جذرية للكثير من القضايا. إلى جانب ذلك تناولت مختصات ضمن أطروحات مركزة واقع القطاع الصحي مع محاولة اجتراح حلول جذرية وناجعة تحدث النقلة النوعية والكمية المأمولة. حجم الإنفاق مستشارة مجلس الشورى المدير التنفيذي في مستشفى سعد التخصصي عميدة كلية سعد للتمريض والعلوم الصحية الدكتورة مي الخنيزي قالت ل«عكاظ»: المملكة لم تقصر في الإنفاق على قطاع الصحة والرفع من مستويات الرعاية الصحية الأولية والثانوية والتخصصية وبلغ حجم الإنفاق نحو 44.5 مليار ريال عام 2008م، بنسبة 10 في المائة من الميزانية العامة للدولة، ومن المنتظر أن يبلغ حجم الإنفاق على القطاع الصحي (العام والخاص) في المملكة عام 2015 نحو 70 مليار ريال، في الوقت الذي يتجاوز فيه حجم الإنفاق الحالي 50 مليار ريال سنويا، الأمر الذي يتطلب إيجاد آلية لاحتواء التكاليف وترشيد الإنفاق، وصولا إلى الاستخدام الأمثل للموارد ورفع كفاءة الأداء، وتشخص الصعوبات والتحديات باعتبار غياب التنسيق والتكامل بين القطاعات الصحية يأتي أولا، وثانيا نقص القوى العاملة المؤهلة، وتدني نسبة السعودة في القوى العاملة الصحية، وانخفاض عدد خريجي الجامعات. الخدمات الصحية وتلفت الدكتورة هديل بنت عبدالرحمن المشاري مساعد المدير العام لمستشفى المشاري مدير إدارة الجودة ومكافحة العدوى، أن واقع الخدمات الصحية في السعودية رغم وجود استثناءات قليلة لا يتناسب مع الواقع الاقتصادي والبشري ، وتقول ل«عكاظ»: رغم من امتلاكنا قدرة بشرية واقتصادية وتتوفر مواردنا البشرية على خبرات كبيرة، ورغم انفتاحنا على ما يحدث من تطور عالمي في مجال تقديم الخدمات الصحية، إلا أن الواقع بعيد عن المأمول ويكمن السبب في النظام الصحي المعمول به حاليا وهو قديم لم يحدث ولا يواكب التطورات العالمية في مجال تقديم الخدمات الصحية، ويعاني قصورا في نواح عديدة مما يؤثر سلبا على مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطن وجودتها. وتفند المشاري التحديات التي تواجه القطاع الصحي بداية من ظاهرة التكدس في المستشفيات الحكومية وخصوصا في المدن الرئيسة في المملكة، وصعوبة الحصول على موعد أو سرير للمرضى في المستشفيات الكبرى، وعدم إشراك القطاع الصحي الخاص في خطط الدولة لتطوير قطاع الخدمات الصحية، وكون التوزيع الجغرافي غير الصحيح للمنشآت الصحية على مستوى المناطق مع فقر الكادر وعدم وجود عدد كاف من العاملين في القطاع الصحي خاصة من المواطنين، مما يستدعي الاستعانة بخبرات من الخارج وما في ذلك من سلبيات كثيرة، وعدم وجود ميزانيات أو إدارات مخصصة للبحث العلمي والتطوير والدراسات التطويرية ودارسة طبيعة السوق ووضع التصورات المستقبلية لها. تطوير النظام ورأت الدكتورة مها المنيف المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري أن واقع الخدمات الصحية جيد، يخدم شريحة كبيرة من المجتمع وتستشهد باعتبار منظمة الصحة العالمية صنفت السعودية في المرتبة 26 على مستوى العالم من أصل 190 دولة من حيث النظام والخدمات الصحية، واعتمادا على ذلك يمكن القول: إن وضع المملكة أفضل بكثير من الدول الأخرى، وهي تطمح إلى تطوير النظام الصحي وفقا لاستعراضها جملة من التحديات التي يواجهها القطاع الصحي منذ أكثر من 10 أعوام وتتمثل في عدم وجود استراتيجية ورؤية واضحة عن مستقبل القطاع الصحي، وعدم توفر الرعاية الصحية للجميع بمستوى واحد «فالخدمات الصحية في المدن الكبيرة تختلف عنها في القرى، وكذلك الخدمات الطبية المقدمة من القطاعات العسكرية تختلف عن الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة». تستشرف المنيف مستقبل القطاع الصحي بتصورها توقع نمو في الخدمات الصحية الخاصة وضعف في خدمات القطاع الصحي الحكومي، يتزامن ذلك مع توقع نمو سكاني كبير من غير تأمين صحي، ورغم التحسن الكبير المتوقع في مستشفيات العناية الثلاثية المتقدمة إلا أنها تبقى متواضعة في المدن الكبيرة وصعبة المنال على المواطن. المعالجة والحلول تقول الدكتورة المنيف لمعالجة هذا الأمر نحتاج استراتيجية عشرية ونحتاج شفافية ووضوحا من المسؤولين ماذا تحقق إلى الآن من أهداف وضعتها الوزارة؟ وما هي العقبات؟. فيما تؤكد د. مي الخنيزي على أن الحلول المستقبلية تأتي بداية من الإسراع في وضع خطة وطنية شاملة، في إطار زمني محدد للقطاع الصحي، وإنشاء صندوق لتنمية الخدمات الاجتماعية والصحية على غرار الصندوق الصناعي السعودي، والاهتمام بتدريب كوادر متخصصة في اقتصاديات الصحة للوصول إلى الاستخدام الأمثل لموارد الرعاية الصحية وتنميتها. وتنمية مصادر تمويل الوقف الصحي، للمساعدة في الإنفاق على الرعاية الصحية، وإنشاء صندوق للتنمية الاجتماعية، لا بد من أخذ موضوع الخصخصة بعين الحسبان ليصبح الدور الأساسي للوزارة رقابيا في المقام الأول، وأن تكون العلاقة الحالية بين مقدمي الخدمات الصحية (الحكومي والخاص).