تمحورت مشاركات المتحدثين في اللقاء الوطني الثامن للحوار الفكري، الذي انطلق البارحة في نجران، حول أهمية وجود مراكز متخصصة للجراحة إلى جانب إيجاد حوافز، كما تم التطرق إلى مستوى الجودة للقطاعين الحكومي والخاص، واقترح المشاركون في الجلسة الأولى، التي رأسها نائب رئيس اللقاء الوطني للحوار الفكري الدكتور عبد الله بن عمر نصيف بعنوان «مستوى جودة الخدمات في القطاع الصحي»، إيجاد لجنة في كل منطقة يكون عملها قياس الخدمات الصحية ومتابعة نشاطها، وكذلك تطوير معايير الجودة النوعية في مراكز الرعاية الصحية الأولية لتكون متناسبة مع طبيعة عملها وحتى يتم تعزيز ثقة المواطن فيها. كما جرى الحديث في هذه الجلسة عن قضايا الإدارة الصحية وأهمية تدعيم الخدمات الصحية بالممرضين المتخصصين. وتناول المشاركون في اللقاء موضوع «التوزيع الجغرافي للخدمات الصحية .. كما ونوعا»، حيث أكدوا خلالها على أهمية إيجاد إحصاءات دقيقة عن الوضع الصحي وتوحيد جهود القطاعات الصحية من خلال إيجاد علاقة تكاملية بينها، كما تطرقت المداخلات إلى المراكز المتخصصة لتشمل جميع مناطق المملكة لرفع المستوى الصحي وتخفيف العناء عن كاهل المريض. وأجمع المشاركون على أن توافر الجودة الطبية والانضباطية في العمل وتوازن الخدمات الصحية وتعميمها تعزز من برنامج وزارة الصحة «طبيب لكل أسرة». وأكدوا في مداخلاتهم على أهمية توزيع الخدمات الصحية لما لها من دور في تخفيف الضغط على المدن الكبرى والحد من انتقال المواطنين إليها إلى جانب تحسين أداء المستشفيات الصغيرة وإيجاد كوادر طبية جيدة والتركيز على معايير وخطط العلاج للمرضى كما ينبغي حسب معايير الجودة. ورأوا أن الوضع الصحي في المملكة العربية السعودية أضحى متقدما بدليل وجود مراكز طبية متقدمة تضاهي مثيلاتها في العالم، ودعوا إلى تفعيل البحث الطبي في مراكز الأبحاث حول بعض الأمراض للوقوف على علاجها. وشارك عدد من ممثلي القطاعات الحكومية من وزارات الصحة، الداخلية، التعليم العالي والحرس الوطني حول الموضوع الرئيس للجلسة، وأجابوا عن الاستفسارات والأسئلة والمقترحات التي طرحت خلال الجلسة. تعزيز الصحة وأعرب الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني نائب وزير التربية والتعليم فيصل بن معمر في مستهل اللقاء، عن أمله في أن يخرج اللقاء بالنتائج والتوصيات المرجوة، وشكر في كلمته في حفل الافتتاح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني على تنظيم هذا اللقاء. وعبر ابن معمر عن شكره لصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة نجران على توجيه سموه بتقديم جميع الخدمات وتوفير كل التسهيلات لإنجاح اللقاء. وأكد الأمين العام على أهمية الحوار حول الخدمات الصحية وقال إن اللقاء الوطني الثامن للحوار الفكري يأتي تعزيزا لدور الخدمة الصحية للمواطن في تحقيق تكامل أمنه الصحي مع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي، ومعالجة جميع ما يعوق إيصال هذه الخدمة للمواطن وتقدمه ونموه الأمر الذي يقتضي حوارا جادا بين مقدمي الخدمات الصحية والمستفيدين منها. وشاهد الجميع عرضا موجزا عن نتائج اللقاءات التحضيرية للقاء الثامن للحوار الفكري. كما شكر نائب رئيس اللقاء الوطني للحوار الفكري الدكتور راشد الراجح في كلمة مماثلة حكومة خادم الحرمين الشريفين على ما توليه من اهتمام ورعاية للحوار الوطني في مجالاته المتعددة. وتحدث الدكتور الراجح عن اللقاءات السابقة التي اتخذت الكتاب والسنة مرجعا لها وما تمت مناقشته من قضايا تهم المجتمع أدت في مجملها إلى تضافر الجهود وتبادل الآراء للوصول إلى رؤى وتوصيات هادفة وإيجابية. وأعرب عن أمله في أن يخرج هذا اللقاء بنتائج تحقق ما يهدف إليه المجتمع، كما عبر عن أمله أن تكون جلسات اللقاء متسمة بالحوار الهادئ والصراحة في الطرح للخروج بنتائج ملموسة. رواتب غير مجزية وشهدت الجلسة الأولى عددا من المداخلات، حيث أوضحت الدكتورة نادية حسن بندقجي دكتوراة جراحة، عدم وجود مراكز متخصصة لجراحة اليد وبتر الأصابع والحوادث، ودعت إلى أن يضم كل مستشفى وحدة حروق كاملة، وطالبت بمنشآت خاصة ومركزة ورواتب مجزية وبرنامج لابتعاث الأطباء للخارج، وهنا راهنت الدكتورة بندقجي على تحسن وضع المواطن، كما رأت أن الجودة الحكومية في جدة غير مناسبة لمستوى المواطن، ففي بعض الغرف في المستشفيات يوجد من 5 إلى 6 أسرة والخدمات الطبية فيها بطيئة مما يضطر المواطن للذهاب إلى القطاع الخاص ما يجعله يحقق الأرباح على حساب الجودة، واستشهدت بحوادث جدة الأخيرة والتي تدل على البحث عن الربح على حساب الجودة. واقترح الشيخ محمد الزهراني قاضي في محكمة الرياض، أن يكون في كل منطقة لجنة عملها قياس مدى جودة الخدمة المقدمة للمواطن وتعمل بسياسة مرسومة لرفع مستوى الخدمة. وطالبت الدكتورة مريم الخنيزي بهيئة مهمتها تطوير الرعاية الصحية من خلال معايير الجودة النوعية في المدن والمناطق النائية، مشيرة إلى أن تفعيل دور المراكز الأولية يؤدي إلى تعزيز ثقة المواطن بالمراكز الصحية، ودعت إلى التأكيد على سلامة المرضى، وقالت إن مساعدة وزارات التعليم والإعلام مع الصحة يؤدي إلى أن تأخذ المراكز دورها وحقها من الانتشار وثقة المواطن. وفي مداخلة للدكتور عبد العزيز الراشد طالب بالصراحة وسعة الصدر، وأشار إلى وجود عيادات ليست أسبوعية بل أسبوع بعد أسبوع وكذلك صعوبة مواعيد العمليات بسبب النقص في الكوادر الفنية والجهاز الطبي، ورأى أن القضية إدارية وليست فنية، وعن التوزيع الجغرافي قال إن الخدمات في مكة والمدينة بحاجة إلى زيادة لأهمية المدينتين. ورأت الدكتورة نادية عبد العزيز أن بعض المستشفيات تطبق المعايير وغيرها لا يطبق تلك المعايير، مؤكدة على ضرورة وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. وتناول الدكتور هادي آل راكة التوزيع الجغرافي في برامج التعاون المشترك بين مستشفى التخصصي وعدد من المستشفيات في ثمان مدن، وقال: لا بد من تفعيل البرنامج، واقترح آل راكة أن يتم تبني هذا البرنامج. التمريض وركزت الدكتورة صباح أبو زنادة في مداخلتها على مدى أهمية مقدمي الخدمة والتمريض إذ لا يقدم سوى 50 في المائة وأن وضع التمريض يعاني نقصا كبيرا والتمريض السعودي يغطي 30 في المائة، وأن المملكة بحاجة إلى 170 ألف وظيفة تمريض، وفي عام 2025م سوف نكون بحاجة إلى 300 ألف وظيفة إذ يوجد 66 ممرضة لكل 10000 نسمة، وقالت يوجد في المملكة ما نسبته 97 في المائة فني تمريض و3 في المائة أخصائي تمريض. وأفاد رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني قائلا: نسمع ضعف الخدمة الصحية ونسمع مخصصات متوافرة لكن المواطن لم يلمس واقعا والسبب يعود إلى العنصر البشري فهناك حاجة لوجود كوادر قادرة على تقديم الخدمات وعكس الخطط على أرض الواقع ولا بد من التدريب والمتابعة والاستمرارية والرقابة وسرعة اتخاذ القرار ونتمنى عدم التركيز على الجودة الورقية بل بما يصل إلى صاحب الخدمة. وأوضحت الدكتورة ميس خالد أبو دلبوح، أن المريض له الحق في العلاج أيا كان جنسه، وتساءلت ما هو معيار الجودة بحسب الأنظمة؟ مؤكدة أنه لا يوجد معيار في إنشاء المستشفيات أو الأطباء أو الممرضات، وتساءلت ماهي العقوبات عند الإهمال وماهي التعويضات عند الاستهتار فهناك وفيات بسبب اللامبالاة، مستشهدة بالخطأ الذي تعرض له الدكتور الجهني في محافظة جدة. وتعمق حسين أحمد الشريف في واقع الجودة، مبينا أنه لا بد من معرفة الواقع للوصول إلى الأفضل، وقال: هناك قصور في تقديم الخدمة علاجيا وفي المنشآت خصوصا في المناطق البعيدة وتركيز الأطباء الجيدين في المناطق الرئيسة التي لا يستطيع الجميع الوصول إليها، واقترح مجلسا صحيا من الأطباء والأهالي المهتمين لمناقشة الخدمات المقدمة. وذهبت رقية الهويريني في مداخلتها إلى وضع المرضى النفسيين وقالت إنهم بحاجة إلى وضع خاص، وتساءلت متى نرى المريض النفسي يحصل على خدمة علاج وتأهيل مدمني المخدرات. وعلق سعود الشمري عضو مجلس الشورى على آلية الحوار، وقال: لم أجد دراسات ولم تقدم ملخصات للحوارات السابقة، وطالب بالجودة والتوزيع والالتزام بمعايير دولية متعارف عليها. ونوه مدير تحرير صحيفة الحياة جميل الذيابي إلى أن هناك مشكلة في القطاعات الصحية لا يمكن تجاهلها، وهناك غياب للجودة والانضباطية لأسباب يعرفها القائمون عليها وعدم وجود رقابة على الأداء.