مع تزايد دور القطاع الخاص في التنمية، أصبحت المسؤولية الاجتماعية لرجال الأعمال من المبادئ التنموية الهامة التي فرضت تعاون الحكومة والقطاع الخاص والقطاع الثالث، في تحقيق التنمية دون الاعتماد على جهة واحدة فقط. ونتيجة لذلك التزمت العديد من الشركات بالمساهمة في التنمية من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم والمجتمع المحلي لتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم الأعمال ويخدم التنمية في آن واحد لاعتبارات أخلاقية و اجتماعية. وعندما أعلنت الهيئة العامة للاستثمار «مؤشر وجائزة المسؤولية الاجتماعية للشركات السعودية»، فإنها تحفز الشركات على اعتماد أفضل الممارسات التي تسهم في إثراء القيمة البشرية والاجتماعية وتؤدي إلى تعزيز القدرة التنافسية. وستحصل الشركات الأفضل على فرص أكبر في جذب الاستثمارات والعملاء، كما سيساهم هذا المؤشر في زيادة روح المنافسة بين الشركات في إطار احترام قواعد المسؤولية الاجتماعية للشركات بقواعدها الأربع احترام حقوق البيئة، واحترام حقوق الإنسان، واحترام حقوق العاملين، والبعد عن أية معاملات بها شبهة فساد. فالشركات توظف مواطنين وغير مواطنين، وتستهلك كميات من المواد الأولية وبعضها مدعوم، وتؤثر تأثيرا مباشرا على البيئة وعلى حياة المجتمعات التي تعمل فيها. وأحيانا تؤثر سلبيا في البيئة، وعليه فإن العدل يقتضي أن تساهم هذه الشركات بجزء من أرباحها لتطوير حياة العاملين وأسرهم، وتنمية المجتمعات التي تمارس نشاطها فيها. ومن هذا المنطلق أصبحت أو تكاد أن تصبح هذه المساهمة حقا قانونيا تفرضه الدولة وتشرف على توظيفها للأغراض الاجتماعية والتنموية. وعلى الرغم من وجود جهود فردية لبعض شركات القطاع الخاص، وخاصة الشركات الكبرى ذات الوعي المرتفع بمسؤولياتها الاجتماعية، إلا أن معظم هذه الجهود غير مؤثرة أو غير محسوسة لعدم وجود ثقافة المسؤولية الاجتماعية. كما أن معظم جهود رجال الأعمال غير منظمة. ومن جهة أخرى، هناك بعض الخلط حول مفاهيم ثقافة العطاء للتنمية حيث لاتزال معظم جهود رجال الأعمال تنحصر في أعمال خيرية غير تنموية مرتبطة بإطعام فقراء أو توفير ملابس أو خدمات لهم دون التطرق إلى مشاريع تنموية تغير المستوى المعيشي للفقراء بشكل مستدام. ولهذا فإن مؤشر المسؤولية الاجتماعية لرجال الأعمال سيجعل الأعمال التطوعية والاجتماعية تأخذ شكلا تنظيميا ومؤسسيا له خطة وأهداف محددة، بدلا من أن تكون جهودا عشوائية مبعثرة، وسيساهم المؤشر في إبراز الواجب الأخلاقي والوطني من خلال المسؤولية الاجتماعية وثقافة العطاء التنموي بين رجال الأعمال والشركات الكبرى، وتحفيز عطائهم لإنجاح وترويج أنشطتهم الاقتصادية. وهناك مقولة غربية بأنه يمكنك أن تتظاهر بالعمل الطيب حتى تتمكن من أدائه بالصورة الصحيحة وباستمرار. * أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز جدة