هكذا قرأتها عيوني وسط زحام الشارع، إذ في خضم هذا الازدحام، الذي يصيبك بالتوتر، ترخي لعينيك مسافة من التنفس لكي تلجم توترها. صورة كبيرة تستقر في الزجاجة الخلفية لإحدى السيارات وتستوطنها عبارة «وينك تشوف الأهلي بعدك وين صار». لا أعرف كيف أمسى صاحب هذه السيارة ليلة الاثنين، ليلة الانهيار الأخير، ليلة سقوط ما يسمى أو ما تبقى من التاريخ من الكيان من الأهلي، لا أعرف أيضا إن كان رقما آخر سجل في طوارئ مستشفيات جدة التي كانت مساء الاثنين محطة باردة لأجساد عشقت هذا الكيان وارتبطت به ومعه في حب أزلي حاول الانهزاميون أو أشباه اللاعبين فصل عراها، لكنهم وإدارتهم لن ينجحوا في هذا الانفصال حتى إن ذهبوا بالكراسي معهم إلى حيث أتوا. جربوا وتمادوا واجعلوه حقل تجارب ومتنفسا للمأزومين وطالبي الشهرة، لكنكم لن تفلحوا في إسقاط جماهيره أو سلبه من مقلة عشاقه، بل ستتفاجأون بهم في انهزاماتكم المقبلة رقما صعبا يملأ الأحداق، أما موسمكم الثاني فهو كسلفه، أحسن الله عزاكم فيه سنة بيضاء كسالفتها، رغم الوعود التي اتضح أنها جوفاء، ومن الملايين التي طارت في الهواء بأنصاف لاعبين لا يمكن لهم أن يفهموا أو يعوا معنى شعار الأهلي، إذ هو زمن لا يليق به أن يكون الهزازي وشلة أمثاله يرتدونه، بعد أن كان رموزا أمثال عيد والجوهر وصمدو وأبو داوود والصغير الذي توفي وهو مرتدٍ الشعار، ممن سالت دماؤهم واستوطنتهم الإصابات دفاعا عنه، أما الجماهير فهي الحل الأخير، مارسوا دوركم في الحفاظ على كيانكم، ذات مساء ذهب جمهور النصر للنادي فكان التغيير الذي بدأ عهده الجديد والذي لن يتغير في الأهلي وجماهيره تخرج من الملعب لطوارئ المستشفيات، اذهبوا بآمالكم وأحلامكم بل وجروحكم إلى النادي إلى القلعة وليس إلى المستشفيات، هنا يكون التغيير وليس غيره كما يقول إعلامه الذي يرى أن انضمام عضو أو مشرف هو بطولة للنادي يكفي، بينما الآخرون يتقاتلون على المنجزات البطولية؛ محلية كانت أو إقليمية، إعلام كهذا ليس جديرا بهذا الكيان وإن تمسح بالانتماء له، فهي ليست أحلاما صغيرة بقدر ما تكون رخيصة. ??? إن ما حركته أزمة (ستاد زعبيل) أثارت أسئلة عدة مركبة؛ كيف تظل حيا ولا تنتصر؟، كيف تظل فاعلا ولست مؤثرا؟، وكيف تكون منتصرا ولا تصنع الفرق بين الأمس واليوم؟، بل بين اللحظة وتاليها. إن انتصاب حالة كهذه تغري لأن يتساءل المرء؛ هل لها علاقة بغياب القدرة (الكفاءة) وتراجع قوة الرياضة السعودية إقليميا ودوليا والاكتفاء بالتواجد فقط بعد أن كان قرارها سيدا أينما حلت، إن الإنجاز الرياضي السعودي والإعلامي فيه أصبح مشتتا، إذ يعقل أن يكون إعلامها موزعا في أكثر من مؤسسة إعلامية (خارجية) رغم أن هذه الفضائيات تقتات على منافساتنا المحلية، إن المؤسف أن أصواتنا الإعلامية ملتزمة في طرحها بما يقوله المستثمر، استغلال لا مثيل له لجماهير عريضة تملأ جيوبهم، إن خلو الوطن من قناة رياضية متخصصة شيء يؤسف له في ظل استثمار إعلامي سعودي تغرق في خيراته كل الأقلام والأصوات العربية، تناقض يشبه حراكنا الرياضي؛ فكيف نكون محط أنظار الجميع رياضيا ويكون القرار واهنا لدرجة الضرب، وكيف يكون إعلامنا يملأ الشرق الأوسط بل العالم ولا توجد قناة رياضية محلية، وكيف يكون أقوى وأكثر حراك رياضي واستثماراته تستغل خارجيا.