توجد إشكالية حقيقية في مجال تقدير أثمان العقارات المنزوعة للنفع العام في العاصمة المقدسة، لاسيما العقارات ذات المواقع الاستراتيجية المميزة القريبة من المسجد الحرام أو الواقعة في المنطقة المركزية عموما من جهاتها الأربع، لأن النظام المطبق حاليا عند تقدير ثمن عقار منزوع لصالح مشروع عام هو أن تقوم اللجنة المكلفة بالتقدير بوضع ثمن «اجتهادي» للأرض، وهي الأهم في تلك المواقع، وثمن للمباني حسب سعر السوق وقدم وحدات المبنى ثم تجمع الأثمان ليكون التعويض الذي سيقدم لمالك العقار المنزوع بعد إكماله إجراءات التعويض، ولكن هذا المبدأ في التقديرات لم يأخذ في الاعتبار ثمن الموقع الذي يحتله العقار المنزوع، وهو الموقع الذي يرفع دخله السنوي سواء كان عمارة قائمة ذات أدوار متعددة نالت أقصى ما هو مسموح به من ارتفاع، أم كانت أرضا مرغوبة ومطلوبة للاستثمار ويمكن لأي مستثمر بناؤها ثم تأجيرها على مدى شهور العام بمبلغ عال جدا يغطي ما تم إنفاقه في البناء مع ربح طيب، إضافة إلى ما يقدمه لمالك الأرض من دخل سنوي خلال مدة الاستثمار يعود المبنى كله بعد ذلك إلى صاحبه بعد انقضاء المدة المتفق عليها عند توقيع عقد الاستثمار، مثل هذه الأمور لم تؤخذ في الحسبان، الأمر الذي جعل كل مالك عقار يتخوف من أن تمر عليه قافلة نزع الملكيات فيقدر عقاره بثمن قد لا يساوي الدخل السنوي للعقار لمدة خمس سنوات!، وقد بلغني أن مواطنا اشترى عقارا في المنطقة المركزية مساحته صغيرة ولكن دخله السنوي يصل إلى نحو ثلاثة ملايين ريال فدفع في العقار ما يزيد على ثلاثين مليون ريال لأنه وجده من حيث الدخل والموقع ممتازا، وقبل أن تكتمل فرحته علم أن عقاره سوف ينزع للنفع العام، ثم فوجئ أن التقدير الذي ثمن من خلاله العقار لم يزد كثيرا على أربعة عشر مليون ريال، أي أقل من نصف الثمن الذي دفعه لشراء العقار نفسه وأقل من إيجار ذلك العقار لمدة خمس سنوات، فهل هذا معقول؟ وكيف يمكن تشجيع الاستثمار العقاري في المناطق الحيوية والمساهمة في إزالة العشوائيات إذا كانت تقديرات العقارات في مثل تلك المناطق قد لا تساوي نصف الثمن الحقيقي للعقار، مقارنة بدخله وموقعه الاستثماري، ألا يكفي أن صاحب العقار المنزوع سوف يفقد الموقع والدخل المميزين فيفاجأ بأن التقدير المقدم له لا يمكن أن يوفر له البديل ولا نصفه، لاسيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن معظم المواقع الموجودة في المناطق الحيوية الاستراتيجية المميزة ذات مساحات محدودة قد لا تزيد كثيرا على مائة متر، ولكن مواقعها تمنحها دخلا سنويا سخيا، فكيف لا تؤخذ مثل هذه الأمور عند وضع التقديرات، ولماذا لا ينظر إلى الموقع على أساس دخله وتميزه الاستثماري ويعطي حقه على هذا الأساس ليتمكن مالكه من شراء بديل مناسب، مع العلم أنه حتى لو أعطى ثمن المثل مقارنة بالدخل ومتوسط سنوات الاستثمار المقدرة للمواقع المميزة فإنه لن يظفر بعقار مماثل بما يستلمه من تعويض، فكيف إذا كان التعويض أقل من النصف في بعض الحالات! إن جميع التوجيهات والنصوص على إعطاء كل ذي حق حقه عند نزع الملكيات للنفع العام، فما مدى التزام لجنة التقديرات بذلك إحقاقا للحق وتطبيقا للعدل.. والله الهادي إلى سواء السبيل. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة