أوضح ل «عكاظ» عضو هيئة كبار العلماء الدكتور قيس محمد المبارك أنه لافرق في الشرع بين الرجل والمرأة وأن اعتقاد كثير من الناس أن المرأة دون الرجل في نظر الشرع الحكيم، مبينا أن ذلك اعتقاد خاطئ وفهم قاصر مشددا على أن الأصل في المسلمين أنهم سواء في الدين، وسواء في الحرمة، كما كانوا سواسية في أصل الخلقة والجبلة، وهم إخوة كما قال تعالى «إنما المؤمنون إخوة»، لافتا إلى أنهم سواء أمام خطاب الشارع، لا فرق في ذلك بين رجل ورجل، ولا بين رجل وامرأة، موضحا أن خطاب الشارع متعلق بالجميع حيث جاء الخطاب بصيغة التذكير فإنه شامل للنساء ابتداء في قول سائر العلماء، فقد روى البخاري عن عبادة بن الصامت (رضي الله عنه) قال: «كنا عند النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا، وقرأ آية النساء»،واستدرك المبارك قائلا «لم يفرق الشارع بين الرجل والمرأة إلا إذا وجدت أحوال وعوارض تستدعي الخروج عن أصل المساواة، كمنع مساواة المرأة للرجل في ولاية الجيش ورئاسة الأركان، ومنها الولاية العظمى، ومثل منع مساواة الرجل للمرأة في حق كفالة الأولاد حال كونهم صغارا، ومثل منع مساواة الرجل أيضا للمرأة في وجوب النفقة الزوجية». وفصل المبارك أحوال العلم والإفتاء بقوله «لم يكن العلم والإفتاء من الأحوال التي يفرق فيها بين رجل وامرأة، فليست الأنوثة مانعا لها من التعلم والتعليم، وإنما المانع عدم بلوغ رتبة الفتوى، وهو مانع للرجل ومانع للمرأة على السواء بينهما»، واستدل المبارك برؤية تاريخية، لافتا إلى أنه لم يخل التاريخ من نساء عالمات جلسن للإقراء والتدريس والتحديث، فمنهن الراويات لحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ومنهن الفقيهات، ورأسهن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها)». وأكد المبارك على أن تأصيل هذا المعنى لا يعني أن المساواة في مقصود الشرع أن يكون عدد النساء اللائي يتصدين للإفتاء مساو لعدد الرجال، وإنما مقصود الشارع أن يكون لدينا من المفتين ما يحصل به المقصود وينتفي به الحرج، إن من الرجال أو من النساء. وشدد المبارك على أن ولاية الإفتاء ليس مطلبا يسعى إليه الرجل أو تسعى إليه المرأة بحثا عن وجاهة، ولا تعبيرا عن شعور بنقص، ولا نزولا عند نزوة نفس، ولا لتفاخر أحدهما على الآخر، فهذه المعاني لا يلتفت إليها الشارع إلا على سبيل النهي والتحذير منها. ووصف الانشغال بهذه القضية من القصور وبساطة التفكير من الإنصراف عن تحصيل المقصود الأعظم، وعن فرض حقيقة المساواة، والبحث فقط عن الصورة والشكل وإن خلت عن معناها وعرت عن أوصافها. ولفت إلى إن الانشغال بهذه الرسوم والأطلال، يعتبر مظهرا من مظاهر التخلف، وعنوانا للتقليد الأعمى للآخر، يجب أن نربأ بأنفسنا عنه، وإلا فقد حق للمتنبي أن ينادي علينا: أغاية الدين أن تحفوا شواربكم يا أمة ضحكت من جهلها الأمم . ورأى المبارك أن من اللائق أن يكون همنا متوجها إلى الارتقاء بالمستوى العلمي للمرأة، لنرى من نسائنا العالمات والباحثات في عموم التخصصات، اللائي يثرين حياتنا العلمية والثقافية، وكذلك الحياة الاجتماعية ليرتقين بأحوال الأسر والبيوت.