فيما كان للعلماء والفقهاء رأيهم في هذه المسألة، حيث أشار الدكتور أحمد عبدالعليم بالمجمع الفقهي الإسلامي الدولي بجدة إلى عدم وجود مانع يمنع من ذلك، ولا شيء يعترضه بتاتًا ما دام توافرت شروط الإفتاء المطلوبة في المرأة مثلها مثل الرجل في تلك الفقيهة، أمّا إذا لم تتوافر شروط الإفتاء فلا مجال لئن تكون كذلك. وشروط الإفتاء لا تفرّق بين رجل وامرأة، فإذا تحققت في واحد منهما فهو فقيه أو مفتٍ رجلاً كان أو امرأة، وتلك الشروط -أي شروط الإفتاء- مقررة في كتب أهل العلماء المعتبرين، ومَن يقرأها يجد أنها لم تفرق، أو تضع، أو تجعل هناك حدودًا عن كل واحد عن الآخر. أمّا مسألة جواز أن تسأل المرأة فقيهًا عالمًا فلا مانع كما هو معروف ومؤكد في كتب السير والفقهاء والصحابيات -رضوان الله عليهن- كن يستفتين الرسول صلى الله عليه وسلم في أمورهن حتى كن يستحيين فتتدخل عائشة -رضي الله عنه- تبين وتفسير قوله صلى الله عليه وسلم. وفي رد له حول سؤال وجهناه عن وجود مقترح قريب يطرحه مجمع الفقه الإسلامي الدولي عن تخصيص قسم يُعنى بإعداد النساء الفقيهات والمفتيات قال: نحن لا نؤيد تجزئة وتقسيم مثل هذه الأمور بين الرجال والنساء، فالعلم والفقه ليس مقصورًا على الرجال دون النساء، أو النساء دون الرجال، فمتى أثبت أحدهما فهو أحق بالمقام الذي أبدع فيه، ولهذا أرى عدم تأييد مثل هذا المقترح فالمرأة التي تثبت جدارتها بالعلم والفقه فهي تستحق لقب فقيهة مفتية، وليست بحاجة للتخصص، وافتتاح أقسام لها تُعنى بهذا الأمر لأنه إقحام في غير محله. وعاد عبدالعليم يقول: لم تفلح افتتاح أقسام للفقيهات كما يحدث في القنوات الفضائية بإيجاد مفتيات، وهن من وجهة نظري لسن كذلك، ووقعت تلك الفضائيات في فخ كبير بإقحامهن في هذا المجال، ولم تفلح في إيجاد ما كانت تسعى إليه. والمرأة العالمة بعلمه، الفقيهة بفقهاء تستطيع إثبات جدارتها لترقى هذا المجال الذي هو ليس حكرًا على الرجال وحدهم. * لا أؤيد التخصص من جانبه أفصح الدكتور سلمان العودة عن أهمية إيجاد مفتيات فقيهات متخصصات لتعليم النساء أمور دينهن، وهن أعلم بحال بني جنسهن من الرجال دون الحاجة أصلاً إلى إخضاعهن إلى أقسام ومراكز شرعية منفصلة في تعليمهن أمور الفقه والإفتاء. فالمرأة كالرجل تشارك في أمور العلم والدعوة على حد سواء، وتستطيع المرأة أن تبرز في العلم والفقه حالها كحال الرجل متى ما أتقنت واجتهدت ونبغت. وبرر العودة إيجاد هذا النوع من النساء أن المجتمع في حاجة أيضًا إلى ذلك وقد كانت عائشة -رضي الله عنها- بارزة في الفقه والعلم تشرح للنساء إذا أشكل عليهن أو تحرجن في سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة -رضي الله عنها- كانت معلمة الرجال، وكان أبو موسى يقول ما أشكل علينا أمر فسألنا عائشة إلاّ وجدنا وعندها منه علمًا ونحن نعرف كتاب الزركشي الإجابة في إيراد ما استدركته عائشة -رضي الله عنها- على الصحابة. استدركت في مسائل معرفية على عمر بن الخطاب على جلالة قدره على عبدالله بن عمر على أبي هريرة على أكابر الصحابة وحفّاظهم -رضي الله عنهم وأرضاهم-. * الفتوى بالعلم من جهته أعاد عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور قيس آل المبارك رأيه في هذه المسألة بقوله لم يمنع الإسلام من فتوى المرأة إذا كانت مؤهلة للإفتاء، فشرط الفتوى العلم، فلا يجوز لرجل، ولا لامرأة أن تفتي بغير علم، وتاريخنا شاهد على وجود كثير من الفقيهات. وأشار آل المبارك إلى أننا في حاجة إلى مَن تتصدَّى لكثير من الاستفتاءات، فما أكثر ما تتصل النساء بالفقهاء من الرجال لطلب الفتوى، فلو وَجدنَ امرأة فقيهة تجيب عن أسئلتهن لأغنتهن عن سؤال الرجال، خاصَّة في قضايا النساء. * ملكة ربانية ورأى المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالمحسن بن ناصر العبيكان أن الفقه لا يخصص، فالمفتون والمفتيات يتخرجون في أقسام الشريعة ونحوها من الأقسام الشرعية الإسلامية. وعن وجود مانع قد يمنع من تبوؤ المرأة منصب الإفتاء قال العبيكان: ليس هناك مانع في الشرع من أن تكون المرأة مفتية للنساء لتستفيد المرأة من مثيلاتها من النساء وخاصة فيما يُستحى منه. فليس هناك ما يمنع لكن بشرط أن يكون لتلك المرأة المفتية الملكة الفقهية، والمعرفة بالأحكام الشرعية حتى تفتي النساء بالفتوى الصحيحة. وعاد وقال: المفتي لا يخرج مفتيًا بل الفقه ملكة يعطيها الله عز وجل من يشاء، وإنما يتعلم البعض الفقه فقد يصبح فقيهًا وقد يصبح حافظًا للفقه، إن الإفتاء يتطلب شروطًا مهمة ذكرها الراسخون في العلم يتطلب على من أراد الإفتاء أن تتحقق فيه سواء رجلاً أم امرأة.