«هذه حقائق مفجعة» بهذه العبارة اختزل مساعد مدير تعليم بنات جدة أحمد الزهراني معاناة طالبات ابتدائية المدرسة 117/ب شمالي مدينة جدة، وجاء تعليق مساعد مدير التعليم ردا على حقائق ووثائق حصلت «عكاظ» على نسخة منها تؤكد أن المبنى المستأجر متهالك، وغير صالح للعملية التربوية على الإطلاق، كما حصلت «عكاظ» أيضا على تقارير رسمية صادرة من لجنة وقفت ميدانيا على المدرسة، وأطلقت عبر محضر رسمي صرخة استغاثة توصي «بإخلاء المبنى فورا لعدم صلاحيته كبيئة تربوية آمنة للطالبات والموظفات»، على أن يتم أيضا عدم تجديد عقد الإيجار مع مالك المدرسة وإيجاد مبنى بديل بشكل عاجل. وتشير معلومات «عكاظ» أن مديرة المدرسة (تحتفظ الصحيفة باسمها) تعرضت لضغوط من مسؤولين لإجبارها على توقيع خطاب تجديد عقد المبنى المستأجر رغم رفضها النابع من خطورة هذا المبنى على أرواح الطالبات، وأضافت المصادر «أن مسؤولا في مركز الإشراف التربوي شمال جدة يقف وراء تجديد العقد الخاص بالمدرسة والبالغة قيمته نحو 250 ألف ريال سنويا»، وبحسب المعلومات فإن هيئة الرقابة والتحقيق في محافظة جدة تدرس ملفا متكاملا يحدد تجاوزت المبنى، والاتهامات التي توجه للمسؤول. وبحسب المصادر، فإن إدارة التعليم التي استأجرت المبنى منذ خمسة أعوام لم تلتفت مطلقا للنداءات والمطالب التي أطلقتها منسوبات المدرسة من المعلمات والإداريات، مؤكدة في الوقت ذاته «أن ضغوطا تمارس ضد المديرة ووكيلتها لإبقاء المبنى مستأجرا طوال السنوات الماضية، متجاهلة المخاطر التي قد تنتج عن ذلك فيما لو حدث أي مكروه». وزادت المصادر أن الدفاع المدني الذي باشر حادث حريق في المدرسة مرتين خلال فترة بسيطة أبلغ إدارة المدرسة أن الخطر قائم، وأن بقاء المبنى على حالة يعد «كارثة»، واستند الدفاع المدني في رأيه إلى أن المبنى غير صالح لعدم توفر اشتراطات السلامة من حيث المداخل والمخارج، وعدم وجود كاشف للدخان في جميع الغرف والممرات، وعدم وجود جهاز إنذار مبكر للحرائق. التقرير حدد 16 مخالفة في المبنى أبرزها استخدام المطابخ كفصول دارسية رغم بقاء تمديدات المياه والبالوعات «تملأ الفصول رائحة كريهة تنبعث من البالوعات، الموجودة داخل الفصول الدراسية»، وتضمن التقرير أيضا وجود تمديدات كهربائية مكشوفة وسلالم ضيقة جدا، وانتشار الحشرات والفئران في أروقة المبنى. وأبرز التقرير معاناة الطالبات مع البوابة الرئيسية التي لا يمكن استخدامها مطلقا كونها تفتح على الشارع الرئيس ما يعرض حياة الطالبات للخطر، وتضطر الطالبات بحسب التقرير إلى استخدام بوابة جانبية للدخول وهي عبارة عن حمام صغير لا يتجاوز عرضه 2م*70سم، وشدد التقرير على أهمية معالجة الأمر بشكل سريع حفاظا على العملية التربوية واستقامتها. وجاء في تقرير آخر، أن دورات المبنى نتيجة التعديلات التي طرأت على هيكله الإنشائي لم تعد تعمل بشكل سليم ما دفع إدارة المدرسة إلى إغلاقها، وتضمن التقرير «تضطر الطالبات إلى النزول من الطابق الرابع إلى الأرضي لاستخدام دورة المياه الوحيدة». «عكاظ» نقلت كل الملاحظات لمدير عام التربية والتعليم لشؤون البنات في محافظة جدة عبد الكريم الحقيل الذي أكد أنه في إجازة رسمية وأنه سيبحث الأمر مع المختصين، كما طرحت مشكلة المبنى على مساعد مدير تعليم بنات جدة أحمد الزهراني الذي اعتبر حصول «عكاظ» على تقرير بهذه المعلومات مفاجأة، مؤكدة أن استمرار الدراسة في مبنى متهالك يحتوي على كل هذه المشاكل أمر غير مقبول، وأضاف «هذه حقائق مفجعة». وفي وقت لاحق من ظهر أمس، وقف مساعد مدير تعليم بنات جدة يرافقه مسؤولون على المبنى، ورصدوا أبرز مشاكله وتعهد في حديث ل«عكاظ» بإنهاء مشكلة المبنى، وفي شأن الضغط على مديرة المدرسة للموافقة على تجديد عقد المبنى، أكد الزهراني أن هذا الأمر غير صحيح مؤكدا أن التحقيق سيكشف كل الحقائق. وفيما تتجه أنظار نحو 351 طالبة يدرسن في المبنى إلى الاجتماع الذي تحتضنه العاصمة الرياض هذه الأيام بين قادة وزارة التربية والتعليم للخروج بحلول تنهي معاناة المباني المستأجرة التي هي بمثابة زنازين طاردة لكل مناخات الإبداع، تتساءل الطالبة فاطمة الحربي التي تدرس ونحو 27 طالبة في غرفة لا تتجاوز مساحتها نحو 20 مترا مربعا «لمصلحة من نستمر في هذه المدرسة البائسة التي لا تحقق أدنى شروط ومعايير العملية التعليمية».