قرأت ما نشر في صحيفة «عكاظ» في العدد (15909) الصادر يوم الخميس بتاريخ 2/4/1431ه حول حكم الشيخ صالح اللحيدان على الفنانين بالمرض النفسي، وقد أخبر الشيخ عن الطريقة التي حكم وعمم من خلالها على هؤلاء الفنانين، وهي طريقة غير منطقية بالكلية في الدراسات النفسية المعاصرة، خاصة ما يتعلق منها بالحالات المرضية، حيث كان الشيخ يعتمد في دراسته على أفلام الفنانين وبرامجهم، كما أخبر هو بذلك في حين أن الأفلام ليست مصدرا دقيقا أو مكتسبا لعامل الصدق والثبات، إذ الأدوار التي يلعبها الفنانون في أفلامهم وحتى برامجهم لا تمثل شخصياتهم الحقيقية وإنما هم يتقمصون شخصيات أخرى وهو ما يضعف القيمة العلمية لأي دراسة نفسية تعتمد على ملاحظة الأفلام فقط. إن الدراسات المعاصرة في علم النفس باتت تطرق منهجا أكثر دقة ليعطي في النهاية تشخيصا سليما وبالغ الدقة، حيث يتضمن ذلك المنهج ملاحظ دقيقة لسلوك حقيقي وليس تمثيلا أو برنامجا تلفزيونيا، حيث السلوك غير العفوي. وحكم الشيخ بالمرض النفسي على الفنانين كان يفتقر إلى الدقة والأسلوب العلمي الرصين الخاص بعلم النفس، حيث كان يلاحظ سلوكا صادرا من أفراد كلنا يعلم مثل ما يعلمون أنه سلوك محكوم بسيناريوهات معينه لا تمثل حالاته الحقيقية وإنما هو تقمص لحالة أخرى ولغرض معلوم مسبقا. ثم إن أعراض المرض النفسي لا يمكن أن يحكم من خلالها بالمرض إلا إذا استمرت في الظهور لدى صاحبها لما لا يقل عن شهر، وذلك بحسب الدليل الإحصائي التشخيصي الأمريكي الرابع المعتمد عالميا، وهو ما لا تنطبق عليه دراسة الشيخ بسبب ملاحظته لسلوكيات متقمصة فقط، ثم هل تابع الشيخ حالات الفنانين حين عمم دراسته فيما أسماها، ومعلوم أن علماء النفس يرفضون تعميم الدراسات النفسية لاختلاف المتغيرات بكافة أنواعها. إن نتيجة الدراسة المزعومة لا تعيب الفنانين في شيء، حيث إن بعض المتدينين يراجعون العيادات النفسية يوميا، وهم الفئة التي قال الشيخ إنه يتحرج من أن يجري عليهم دراسة مماثلة، في حين أن الدراسات العلمية لا تعترف بالعواطف بل هي تقوم على أسس علمية منطقية. ولو كان الباحثون والأخصائيون يعتمدون في تشخيصهم للأمراض النفسية على ملاحظة من يظهرون على شاشات التلفاز في برامجهم لكان الدعاة أكثر الناس إصابة ب (البارانويا)، ولكن الأمر لا يحسم بهذه الطريقة فحسب. وأخيرا أتمنى من الشيخ أن يعيد النظر في دراسته وليعتمد الأساليب التشخيصية العلمية الحديثة ولا يتعجل في التشخيص والتعميم أو ليترك. إبراهيم العمري باحث نفسي عضو جمعية العلوم التربوية النفسية في جامعة الملك سعود