توفيت أختي ليلة ولادتها وأرضعتها عمتها شهرا بعدها احتضنتها جدتها لأمها، وصار والدها يأخذها كل أسبوعين لمدة يوم ثم يعيدها، وتدخل الطفلة في بكاء يستمر يومين ثم تعود لوضعها الطبيعي، وحينما بلغت عامها الأول تزوج والدها من امرأة من خارج العائلة، وأنجبت له بنت، وهنا صار يأخذ بنت أختي لأهل زوجته، وبدأنا نلاحظ افتقاد طفلتنا لأمها وأصبحت دائم التحدث عن أمها أين هي ولماذا تعيش بدونها وغير مصدقة أنها بعيدة عنها، وحين بلغت من العمر ستة أعوام، انشغل والدها كثيرا بالسفر لظروف عمله وأصبح لا يراها إلا في فترات متباعدة، الآن أصبح عمر طفلتنا سبعة أعوام واستقرت حالتها ومتفوقة في دراستها لكنها في أغلب الأوقات مشتتة الذهن وشاردة الفكر، كيف نبلغها بوفاة أمها؟ خالة الطفلة اليتيمة مكةالمكرمة مشكلة هذه الطفلة كما توضح رسالتك تكمن في هذا الاضطراب الذي عانته بين أهل أمها وأبيها، ويبدو أن أباها مطمئن لوجودها لدى أهل أمها، كما يبدو أن رعايتكم لها كانت رعاية طيبة، أما عن خبر وفاة والدتها فلابد أن تعرف به، وبتقديري أن حزنا بدرجة ما ستعاني منه، إلا أن هذا الحزن مرهون بجودة العلاقة بينها وبينكم، وبمقدار الحب الذي تلقاه منكم، فكلما كان هذا الحب كبيرا وعاقلا كلما عوضها عن فقدان والدتها، وينفع كثيرا ضرب الأمثلة لها وسرد القصص عن أناس كثيرين عاشوا وترعرعوا، أيتاما، بلا أم أو أب وأحيانا بلا أبوين، وسر القبول لديها يكمن كما قلت لك في نوعية المعاملة التي تلقاها منكم، فاحرصوا على تأمين أكبر قدر من الحب والأمن لها، وليحرص والدها على التحدث إليها كل يوم حتى لو كان بعيدا عنها لأن ذلك من دواعي أمنها وطمأنينتها.