كشفت ل «عكاظ» المحكمة العامة في منطقة المدينةالمنورة أمس عن خطابات ووثائق، تثبت تورط أمانة المنطقة في تهيئة تمليك «غير مشروع» ل 28 مخططا ومزرعة بمساحة إجمالية تصل إلى أربعة ملايين متر مربع في منطقة حيوية جنوب شرقي المدينة. وبينت المحكمة أن مساحة الأراضي تعود ملكيتها لأربعة مواطنين بالشراكة، وقسمتها الأمانة «بدون وجه حق»، إلى 28 قطعة بمساحات واسعة ومختلفة، إلى 15 مخططا و 13 مزرعة، وأنهت إجراءات تمليكها فوق الملكية الأصلية دون مبايعة أو إذن من الملاك الشرعيين، وهو ما يعرف قانونيا وقضائيا ب «اغتصاب أرض». وبحسب الوثائق التي أظهرتها المحكمة، فإن تورط الأمانة يبدو واضحا في اقتطاع جزء من هذه الأرض وإنشاء مخطط باسمها، بالإضافة إلى إصدار تراخيص إنشاء 14 مخططا، بأسماء تجار. وتشير وثائق المحكمة إلى أن أمانة المنطقة «على علم بأن عموم هذه المساحة مملوكة لأربعة مواطنين، إذ عثر في أرشيف المحكمة على خطابين يدينان موقف الأمانة، (أحدهما صدر عن مدير عام إدارة الاستثمار للأراضي بتاريخ 20/2/1411ه، والثاني أصدره أمين منطقة المدينة بتاريخ 29/5/1425ه)، يفيدان بتملك الأرض لمواطنين بموجب صك صادر من كتابة العدل في المدينة بتاريخ 12/5/1397ه. تاريخ الرخص وثبت لدى المحكمة تورط أمانة المنطقة الواضح، في أن كل المتغيرات التي حصلت على مساحة الأرض حصلت في الفترة ما بين علم الأمانة بتملك الأرض عام 1397ه، وحتى تاريخ خطاب أمين المنطقة سنة 1425ه، لتنكشف من خلال ذلك تواريخ الرخص الممنوحة لإنشاء المخططات السكنية لغير ملاكها الشرعيين. وتبين أن بعض تلك الرخص صدرت عام 1419ه، ما يعني أن الترخيص لغير الملاك حصل بإقامة مخطط دون مبايعة أو إذن من المالك الحقيقي، رغم مضي أكثر من 22 عاما من صدور صك الملكية، وتراوحت تواريخ صدور رخص المخططات الأخرى إلى ذلك التاريخ منذ عام 1402ه. بيع الأمانة وتكشف في الصكوك التي استخرجتها المحكمة، أن الأمانة هي من باعت الأرض أساسا للملاك الشرعيين عام 1397ه، وهو ما يؤكد تورطها في القضية، خصوصا وأنها استقطعت لنفسها 7 في المائة من إجمالي مساحة الأرض، وتملكتها باسمها بعد أن باعتها سابقا، وهذا تملك غير مبني على شراء من الملاك الشرعيين المثبتين في الصك، بحسب المحكمة. مخطط الأمانة وعلمت «عكاظ» أن الأمانة استقطعت لنفسها مساحة داخل الأرض، زادت عن 270 ألف متر مربع، وحولتها إلى مخطط سكني، يقع شمال طريق (المدينةالقصيم)، وتدخل ضمن حدود الحرم النبوي الشريف، ويبلغ سعر المتر المربع فيه 650 ريالا. المستثمرون الجدد انحصرت أسماء مدعي الملكية الجدد للأرض، إلى جانب الأمانة، في 27 من تجار المدينةالمنورة، و13 منهم حاولوا التحايل عبر إثبات الملكية بأنها إحياء أرض موات وزرعوها، فيما توزع بقية المساحة (14 مستثمرا آخرين)، وأبقوها خاوية أكثر من عشر سنوات، إلى أن منحتهم الأمانة رخص إنشاء مخططات سكنية. وتكشف أمر تقسيم الأرض بين المستثمرين، بعد أن بالغ بعضهم في رسم حدود مزرعته أو مخططه، وتجاوز فيها إلى أن خرجت الحدود عن مساحة الأرض الحقيقية ودخلت في أرض مجاورة، كما فعل مستثمرو خمسة مخططات و 12 مزرعة، وحاولوا إثباتها رسميا. المصور الجوي وإزاء ذلك طلبت محكمة المدينة من المستثمرين الجدد المصورات الجوية للأرض، فكانت النتيجة بطلان ادعاءات بعض المستثمرين الذين استندوا على مشروعية تملكهم الأرض بإحيائها وثبت عدم وجود أية علامات للإحياء قبل عام 1388ه، سواء بالزراعة أو البناء. انتعاش الحركة العقارية وتشير وثائق المحكمة إلى أن هذه المخططات نمت بعامل اتساع المد العمراني، وانتعشت فيها الحركة العقارية بصورة ملفتة، لا سيما بعد تنفيذ مشروع جسر طريق (المدينةالقصيم)، كمحور امتداد لطريق الهجرة. كما ساهم في رفع الأسعار الإعلان عن إنشاء مدينة المعرفة الاقتصادية، وتحديد موقعها مجاورا للأرض، إذ تجاوز سعر المتر المربع في المخططات المتقدمة باتجاه الطريق الدائري الثاني 1000 ريال، لتشهد في الأعوام الأخيرة بروز مئات العمائر والفلل واستثمارها، فضلا عن مشاريع تجارية حيوية، كالمراكز ومحال بيع المواد الغذائية ومحطات تعبئة الوقود وخدمات الطرق. دولتان مجتمعتان ويزيد إجمالي مساحة الأرض التي توزعت بين الأمانة و 27 تاجرا على مساحة دولتين مجتمعتين، هما موناكو والفاتيكان، فالأولى مساحتها مليون و 950 مترا مربعا، والأخرى 440 ألف متر مربع، أي أن مجموع مساحة الدولتين لا يمثل أكثر من 60 في المائة من مساحة الأرض. امتيازات الموقع يقع مشمول هذه الأرض داخل حدود الحرم ويعتبر موقعها بمثابة البوابة الشرقية للمدينة المنورة، ونقطة بداية طريق (المدينةالقصيم) السريع، كما تكمن أهميته التجارية في قربه من مشروع مدينة المعرفة الاقتصادية (أقل من ثلاثة كيلو مترات)، ويلاصق طريق الملك عبدالله بن عبدالعزيز (الدائري الثاني)، الذي يعتبر عصبا مهما في الحركة وربط أحياء المدينة، مقابل فلل إسكان ذوي الدخل المحدود، فضلا عن خصوبة أرضه وعذوبة مياهه وصلاحيته في الزراعة، كمسوغ لوجود مشاريع زراعية بداخله.