أبطلت محكمة التمييز (الاستئناف حالياً) في منطقة مكةالمكرمة صكا أصدرته المحكمة العامة في المدينةالمنورة عام 1414ه، تضمن تمليك مزرعة تزيد مساحتها على 176 ألف متر مربع لتاجر، وذلك في أول قراراتها تجاه استيلاء أمانة منطقة المدينة و27 تاجرا على أرض يملكها أربعة مواطنين، مساحتها أربعة ملايين متر مربع، وتقع جنوب شرقي المدينة («عكاظ» 1/ 4/ 1431ه). وبناء على قرار محكمة التمييز، فإن ملكية التاجر لتلك المساحة تعتبر باطلة وغير شرعية، وصدقت التمييز بإلزام التاجر على رفع يده عن الأرض، وإزالة جميع ما أحدثه فيها من أشجار وبناء، وتسليمها للملاك الشرعيين، باعتبار أن من وضع غرسة في أرض غيره دون إذنه يكون مغتصبا لها. تجاوزات محكمة المدينة وكشف ل«عكاظ» قاض في محكمة الطائف عن تجاوزات ارتكبها ناظر القضية في محكمة المدينةالمنورة، تكمن في قبول حجة استحكام عام 1414ه على أرض داخلة في مشمول صك صادر من كتابة عدل المدينة عام 1397ه، أي بعد 17 عاما، فضلا عن أن التعليمات نصت على رفض دعوى إحياء الأراضي الموات بعد عام 1387ه، فيما تبين وفق المصورات الجوية وشهادة الشهود أن الإحداث في الأرض وقع بعد عام 1400ه، كما أنها أرض مملوكة وليست بأرض موات كي يحييها. وعثرت محكمة الطائف على خطاب لرئيس محاكم منطقة المدينةالمنورة السابق، بتاريخ 30/1/1425ه، يبرر فيه صدور الصك من محكمة المدينة، بناء حجة استحكام تقدم بها التاجر (من الطائف)، بعد أن ذكر أنه أحياها عام 1385ه، وتعهد لدى المحكمة بأنه إذا ظهر ما يخالف ادعاءه يكون عرضة للجزاء ويصبح الصك لاغيا. اعتراض الزراعة ورغم اعتراض المديرية العامة للزراعة في منطقة المدينةالمنورة على ثبوت حجة التاجر، إلا أن المحكمة العامة في المدينةالمنورة لم تعتد بالاعتراض في حينه، وأصدرت صكا بثبوت ملكية التاجر للمزرعة، كما طالبت بصرف النظر عن ادعاء التاجر، كون الإحياء لم يثبت قبل سنة 1388ه، وأن جميع ما أحدثه داخل الأرض لم يحصل فيه على ترخيص، سواء فيما يخص حفر الآبار أو البناء والزراعة. المصورات الجوية وفضحت المصورات الجوية بطلان ادعاءات التاجر بالإحياء منذ سنة 1385ه، إذ كشف مصور جوي ملتقط سنة 1403ه ظهور فسائل نخيل في الجهة الغربية منها، والباقي لم يحدث فيه شيء، وظلت كما كانت بحجارتها السوداء، ما يؤكد أن أغلب الإحداثيات التي أقيمت في ذلك التاريخ وليس في عام 1385ه. مخالفات الأمانة ورغم علم أمانة المدينةالمنورة بأن التاجر قد اغتصب هذه المساحة ضمن أرض مملوكة بصك شرعي، وفقا لخطاب موثق لأمين المنطقة، صدر عنه بتاريخ 29/5/1425ه، إلا أنها رخصت له إقامة مشروع تجاري محوري يهتم بخدمات الطرق، ما يعتبر مخالفة صريحة للأنظمة والتعليمات التي تنص على عدم منح تراخيص إقامة مشاريع تجارية أو سكنية على الأراضي غير المملوكة لصاحب المشروع، إلا بعقد إيجار أو استثمار، فضلا عن تجاوز أنظمة وزارة الزراعة في استخدام الأراضي الزراعية لأغراض سكنية أو محطات محروقات. رخص البلدية وحصلت «عكاظ» على صور لرخص فتح المحال في المشروع التجاري، التي تدين موقف أمانة المدينة في منح الرخص ابتداء من 1/4/1428ه، أي بعد مضي ثلاثة أعوام على خطاب أمين المنطقة وعلمه بأنها أرض مملوكة لغير التاجر، الذي اغتصب مساحة من الأرض، وجرى اعتماد هذه الرخص من بلدية العوالي بتوقيع رئيسيها السابق والحالي. واستمر منح الرخص حتى تاريخ 24/11/1430ه، أي قبل أربعة أشهر، وتنوعت بين إصدار رخصة جديدة، وتجديد رخصة منتهية، وتغيير نشاط. وتكشفت أسماء الممنوحين رخص فتح المحال، وهم من التجار المعروفين في المنطقة، حيث استثمروا بعض المساحة في إنشاء 13 مشروعا تجاريا، تنحصر في محطة للمحروقات، فيما لا يزال أحد تلك المحال التجارية خاوية من الاستثمار أو التشغيل. تشغيل في الباطن وفضحت رخصة فتح محطة للمحروقات تحايل المستثمر في تشغيل المحطة بواسطة مؤسسة أخرى من الباطن، دون الترخيص للمشغل النهائي، رغم أن الرخصة منحت للمستثمر (غ . م . ن . ش) إلا أن اللوحة التي تعتلي المحطة تحمل اسم المشغل النهائي (شركة د)، فضلا عن اختلاف الاسم التجاري. تورط وزارة النقل ودخلت وزارة النقل طرفا جديا في القضية، كونها اقتطعت من المزرعة المغتصبة جزءا لصالح مشروع طريق (المدينةالقصيم) بمساحة تصل نحو 54 ألف متر مربع، وقدرت قيمته بأكثر من سبعة ملايين ريال، لكنها فوجئت بأن الدفعة الأولى من القيمة دفعتها لمغتصب الأرض، بدلا عن المالك الشرعي، وهو ما دعا محكمة التمييز لإصدار حكم بمطالبة الوزارة دفع القيمة كاملة للمالك الشرعي، وللوزارة الحق في مطالبة مغتصب الأرض بما دفعته له. يذكر أن المحكمة العامة في منطقة المدينةالمنورة كشفت ل«عكاظ» عن خطابات ووثائق، تثبت تورط أمانة المنطقة في تهيئة تمليك «غير مشروع» ل 28 مخططا ومزرعة بمساحة إجمالية تصل إلى أربعة ملايين متر مربع في منطقة حيوية جنوب شرقي المدينة. وبينت المحكمة أن مساحة الأراضي تعود ملكيتها لأربعة مواطنين بالشراكة، وقسمتها الأمانة «بدون وجه حق»، إلى 28 قطعة بمساحات واسعة ومختلفة، إلى 15 مخططا و 13 مزرعة، وأنهت إجراءات تمليكها فوق الملكية الأصلية دون مبايعة أو إذن من الملاك الشرعيين، وهو ما يعرف قانونيا وقضائيا ب«اغتصاب أرض».