هناك حقيقتان في عالم الكتب، الأولى: إنه ليس كل كتاب يمكن قراءته من خلال عنوانه، وثانيا إن الوصول إلى الكتاب الصحيح من خلال المعارض يحتاج إلى خبرة كبيرة في مجال الكتب «تعاملا» ومبيعا وتسويقا، وهو يحتاج إلى ذائقة مرنة في استنباط الحالات المتوافرة لما هو سابق على فكرة الكتاب من عدمه .. وبغض النظر عن المؤلف، يفترض أن تتوافر في خلفية الإنسان الراحل بحثا وراء الكتاب أن يكون على إلمام بتاريخ الكتاب، هذا عدا امتلاكه في الذاكرة على منظومة روابط تمده بآلية التوقع التي تقوده إلى الاختيار الصحيح. ولكي لا يضيع وقته سدى، فالباحث عن الكتاب الصحيح بحاجة إلى منظومة متكاملة من الفهارس السابقة، ومن هنا يفترض علينا مثلا أن لا نتوقع أن كتابا على نحو «أوجاع الستات»، يعلمنا كيف نتعامل مع الستات ومع سابق تقديري باحترام إلى مؤلفته، فهذا الكتاب يقع افتراضا في منطقة المرأة من ناحية ظروف وملابسات تخص حياتها، وليس من اللائق مثلا لرجل مالم يكن طبيب نساء أن يقتحم منطقة مأهولة بخبرات آيلة إلى الجنس نفسه. لكن كتابا مثل كتاب «نشيد الإنشاد»، يمكننا استنطاق عنوانه على نحو الإسناد القديم وفق مرجعيات الضبط الديني والتاريخي لفترة النبي داود وابنه سليمان عليهما السلام، لأن عبارة «نشييد الإنشاد» تعني في الأدبيات التوراتية المراثي والحكمة الجامعة التي عرف بها سيدنا سليمان. وعموما فهذا احتمال وأما الاحتمال الآخر فقد يكون المؤلف قد لجأ إلى العنوان اقتباسا لطرح أفكار تتناول شيئا ما بصدد الإنشاد الديني مرثية ومواجع وأحزانا أيضا. غير أن الاستدلال على الكتاب بتناولاته المرأة لا يقتصر على حقل، وإنما يجري تداوله بالفكر من خلال قنوات متوافرة متواترة، وللواقع فالفكر الإنساني يكتظ عن بكرة أبيه بقصص وروايات وحقائق عن النساء، فهناك مثلا المرأة في الشعر .. ومن بعد ذلك ومن قبل فهناك المرأة في الكتب المقدسة وفي الشرائع، فإذا بدأنا بالدين ففي القرآن الكريم هناك سورة النساء بكل ما يتوافر فيها من أدبيات وتوجيهات ربانية. ومن بعد ذلك كله فهناك في الأغاني أخبار الجواري، ومن بعد الأغاني فهناك ابن حزم في طوق الحمامة .. ولكأن ابن حزم يرى المرأة مجازا بأوصاف الحمامة .. ولك أن تراعي ولا تراعي مظهر المرأة العربية بمقاييس العشق أوروبيا، إذ يكون حقيقته وبطيه عن المرأة الارستقراطية المكية خزامية وغير خزامية، غير أن الإمام السيوطي في أروع كتاباته يتجلى أيكا، وما بعد الأيك فهو يروي إلينا وأيضا يروي إليك، حتى لكأني ذات مرة قرأت منه وفكرت كثيرا حتى صرخت .. والله إنك إمام مدهش فعلا، ولابد أن معاصريك بمصر زادوا واستزادوا فأفادوا واستفادوا .. وفي تلك الأشياء فكرا وبغير فكر فلا ينبئك مثل خبير..!! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 264 مسافة ثم الرسالة