الأسماء لها من الدلالات الكثير، لذا ترتبط قرية «الهجرة» التابعة لمركز كنانة في محافظة القنفذة بالمعنى اللفظي للمسمى، فالقرية زحفت عليها كثبان الرمل حتى عزلتها عن الحياة ليبدأ بعض الناس للهجرة من «الهجرة»، فلا باعث يدعو على التمسك بالعيش في القرية التي فضلا عن محاصرة الرمل لها يضربها عطش عبر ملوحة المياه المغذية للسكان. وبالرغم من كل مسببات طرد الحياة من القرية إلا أن هناك من تمسك بالأرض عل الحياة تتبدل وتختفي الكثبان الرملية وتعود المياه عذبة رقراقة، ويمكن مشاهدة دليل التمسك بالحياة في الهجرة مطلع كل نهار عندما تبدأ طالبات من القرية في قطع مسافة تبلغ 7 كيلو مترات غير آبهات بالرمال التي تبهت ألوان أحذيتهن الزاهية وتشهب العباءات السوداء عن الحياة في قرية الرمل والماء المالح. يقول عوض خليل الربعي «بعض الأهالي انتقلوا من القرية هربا من كثبان الرمال التي أحاطت بمنازلهم، وجعلت الوصول إليها من الصعوبة بمكان، ويضطر الناس معظم الوقت إلى دفع مبالغ تصل إلى 1000 ريال لإزاحة الرمال، كما أن تراكم الرمال سهل من وصول الأطفال للأسلاك الموصلة للتيار الكهربائي، مما عرضهم للخطر، وأصبح هاجس الخوف على الصغار يسيطر على الآباء والأمهات بعد تعرض طفل في السابعة من عمره ويدعى علي إلى صعقة كهربائية كادت أن تودي بحياته». ويرى كل من سعيد الويني وعلي الربعي وأحمد خليل أن المعاناة الحقيقية تكمن في توفير المياه للمنازل، فمياه الآبار التي يستخدمها الأهالي مالحة وغير صالحة للشرب، وهي المصدر الوحيد ولا بديل لذلك إلا عن طريق الصهاريج باهضة الثمن التي لايستطيع أغلب السكان توفيرها نظرا لقلة ذات اليد، ويطالب الأهالي فرع وزارة المياه في القنفذة اعتماد مشروع للسقيا. ويأمل أحمد الويني في توفير وسيلة نقل لطالبات القرية لنقلهن إلى مدارسهن «إذ أن مايزيد على30 طالبة يمشين على الأقدام يوميا مسافة 7 كيلومترات للوصول إلى مبتغاهن في ظل غياب وسيلة النقل من جهة وعدم مقدرة الأهالي على دفع تكاليف وسائل النقل الخاصة من جهة أخرى». مشيرا إلى أن بعض الطالبات تركن مقاعد الدراسة نظرا لخوف أولياء أمورهن من تعرضهن للمخاطر. من جانبه، ذكر مدير فرع وزارة المياه في القنفذة المهندس نايف الشهري أن الفرع لم يتلق أية شكوى من الأهالي في قرية الهجرة حول تضررهم من مياه الآبار وحاجتهم لمشروع سقيا، مؤكدا على أنه في حال تلقي شكوى ستتم معالجتها حسب الإمكانيات. إلى ذلك، أوضح مصدر مسؤول في بلدية حلي أن البلدية ستقوم بإزالة كثبان الرمال عن قرية الهجرة خاصة وقرى حلي عامة وذلك حسب الإمكانيات، مشيرا إلى أن المعدات المتوافرة حاليا لدى البلدية قاصرة عن تغطية كافة القرى، وأكد على أن البلدية عاكفة على عمل جدولة لتقديم الخدمات للقرى حسب الحاجة والأولوية.