أقصد هنا تحديدا مسلسل «37» بدرجاته كلها، تلك التي عرضت وتعرض، وحتى التي في طور التنفيذ، إن كانت «بالدرجة» الحالية. ولست هنا في موقع الناقد الفني، لكنني أحد المشاهدين العاديين، المتطلعين إلى احترام ذوقهم، وعقولهم، ومراعاة نفسياتهم، لدى محاولتهم مشاهدة ما يسليهم، دون استفزاز لمشاعرهم، واستهزاء بحسهم الدرامي. ولست مؤيدا التصوير الهزلي للكادر الطبي، أو ارتجال مواقف هزلية سطحية عن حياتهم داخل المستشفيات، وإظهار الأطباء السعوديين بهذه الصورة السخيفة والمشوهة، فالأطباء لديهم من المنغصات ما يكفيهم، إلا أن ذلك قد يكون من دواعي التغيير والتطوير في رأي بعضهم، وقد سبقت إلى ذلك أعمال أجنبية مماثلة، كما أنني لست ضد بعض المحاولات الفنية السعودية، بل على العكس، فأنا وربما غيري كثيرون نشجعها، ونتمنى لها النجاح عربيا وعالميا، لكن ما يجب انتقاده هو: أن تبدأ هذه التجارب من حيث بدأ الآخرون، بدلا من حيث انتهوا (أو من منتصف الطريق على أقل تقدير)، وأن يتعجل بعضهم في إنتاج مسلسل تلفزيوني أو فيلم سينمائي، من أجل إنتاجه فحسب، دون الاستفادة من تقنيات العمل الفني في المجتمعات المتقدمة، أو العربية، ويهمل تدريب المؤدين ولا أقول الممثلين تدريبا علميا مدروسا، في معاهد فنية متخصصة، تضمن لهم الحد الأدنى من الأداء الدرامي، يحل محل الأداء الهزيل البارد، والأدوار السمجة، والإيقاع البطيء، فقد أساء أولئك إلى فن التمثيل، تماما كما أساء «شعبان عبد الرحيم» إلى فن الغناء !!. أما رأيي في التصوير والإخراج، والسيناريو والحوار، وموسيقى المشاهد، فلا يعدو كونه رأي أحد المتابعين لمسلسلات أخرى عربية وأجنبية راقية فنيا، المصدوم من الفارق الشاسع بين الثرى والثريا، المذهول من انخفاض «درجة» الجودة وانعدام الإتقان في «37»، فالتنافس على خطب ود المشاهد الواعي، لم يعد يقبل بأنصاف الحلول، أو التنازل عن أساسيات الإنتاج الفني، ناهيك عن الإبداع فيه. ولعل هناك من يقول: هذه بداية الطريق، ويجب الاستمرار في التجارب الفنية السعودية بغية تطويرها، وهذا في رأيي صحيح، لكن ذلك لا يعني عدم الاعتراف بالفشل وخيبة الأمل، بل من الضروري دراسة الأسباب، وتقويم الأداء، والاستعانة بآراء الخبراء، وتأسيس معاهد لتدريس فنون التمثيل والإنتاج والإخراج وغيرها، هذا إن كان هناك توجه إعلامي جاد، لخوض غمار الانتاج الدرامي بمختلف أنواعه، ومنافسة الأعمال العربية على أقل تقدير في المحافل الفنية الإقليمية والعالمية، وإلى ذلك الحين، أقول لمن يهمهم الأمر: «أرجوكم، أوقفوا عرض هذا المسلسل». *استشاري في الأمراض الصدرية واضطرابات النوم جدة [email protected]