أثبتت دراسات حديثة أن الإطارات المستخدمة أو المقلدة سبب رئيس في وقوع العديد من الحوادث المرورية، لاسيما على الطرقات السريعة. حيث ان نسبة الحوادث عام 2009 وصلت إلى ما يقارب ال450 ألف حادث، راح ضحيتها ما يقارب ال35 ألف مصاب على مستوى المملكة. ورغم هذه الأرقام المخيفة للحوادث والضحايا، إلا أنه ما يزال هناك عمالة تسوق في القرى والهجر بعد تضييق الخناق على بعض منهم في المدن وبعيدا عن أعين الرقابة، إطارات تالفة بأسعار متدنية، فيما يقبل البعض على شرائها، لتدني أسعارها، في مقابل محدودية دخولهم، ويدفع الكثيرون حياتهم ثمنا لذلك، حين يشترون إطارات مقلدة أو مستخدمة بحكم أنها رخيصة. وهكذا وجدت سوق رائجة، حيث تنقل بعض العمالة الوافدة هذه الإطارات من مكانها وتوزعها على محلات «البناشر» لبيعها كمستعمل وبأسعار تتراوح من 20 إلى 80 ريالا!. يحدث ذلك على الرغم من ما تبذله الجهات الرقابية وحماية المستهلك في التوعية بأخطار الإطارات المستعملة، حيث نفذت حملات ميدانية استهدفت منع الاتجار فيها بصفة حملت الكثير من الجدية والصرامة. «عكاظ» رصدت أثناء جولتها على عدد من «البناشر» في جدة، كميات كبيرة من الإطارات المستعملة الملقاة داخل وخارج صناديق مخصصة لجمع النفايات، لتجد هناك من يجمعها من بعض العمالة ويبيعها بدوره لمحال أخرى بعضها داخل المدن وبعضها الآخر في القرى والهجر القريبة من تلك المدن، حسب نوعية وجودة الإطار. يقر سائق ممن يجمعون تلك الإطارات «ننتقي الصالح منها للاستخدام ونبيعه على الطرق خارج المدن، أحيانا بالجملة، وبالحبة أحيانا أخرى بسعر 15 30ريالا، حسب نوعية وجودة الإطار، حيث إن بعضها يكون «نصف عمر» وبعضها الآخر يتحمل لفترة تتراوح من ستة أشهر إلى عام. ويضيف «الزبون يريد سعرا أقل من سعرها المرتفع الذي يتراوح بين 135 إلى 250 ريالا بالنسبة للسيارات الصغيرة، و800 ريال لبعض السيارات الكبيرة، وينتهي دورنا بتوزيع هذه الكفرات والباقي على أصحاب محال تركيب الإطارات، الذين لهم كامل الحرية والتصرف في بيعها بالسعر الذي يروق لهم». ويعترف جمال عبدالقادر، عامل في محل عجلاتي وسط جدة، بأن بيع المستعمل مجد أكثر من الجديد، وربحنا في المستعمل يتراوح بين 40 60 ريالا، على العكس من الجديد الذي لا يتجاوز ربحه 15 ريالا، في حين يوجد زبائن لا يرغبون إلا بالمستعمل لرخص أسعاره، ونحن نلبي طلباتهم. عن مراقبة البلدية أو حماية المستهلك، يقول: هم يسألون عن وجود كفرات بكميات كبيرة، فنخبرهم أن ذلك عائد للشركة الموكلة بإعادة التصنيع وبذلك ننتهي المشكلة. ويؤكد إسماعيل نصر عامل في محل للعجلات في جدة، أن هناك رقابة على جميع البناشر، وحملات تفتيش على الإطارات المستعملة، ما أسهم كثيرا في اختفاء ظاهرة تكدس الإطارات المستعملة في «البناشر» والتي ماتزال موجودة حيث تضع بعضها إطارا أو اثنين داخل المحل لبيعها على الزبائن المضطرين لشراء المستعمل، وفي حالة وجود جولات رقابية، يدعون بأنها لأحد الزبائن. يعترف خالد البدري، بائع مقيم، أن لديه عجلات مستخدمة، ولكنها لازالت بحالة جيدة وصالحة للاستخدام، مشيرا إلى أن الجيد منها يبلغ سعره 50 والمتوسط 30 ريالا، حيث إن هناك الكثير من المقيمين وحتى بعض المواطنين يمتلكون سيارات لا تتجاوز أسعارها خمسة آلاف ريال، وهؤلاء لا يتوقع منهم أن يشتروا إطارات تزيد قيمة بعضها على 500 ريال. تجارة الأرواح توفيق صالح، مشرف على محل لبيع الإطارات، يؤكد أن محله لا يبيع منذ أن بدأ العمل فيه المقلدة أو المستعملة، وليس في محله سوى النوعيات المضمونة والأصلية، مشيرا إلى أنه يرفض المتاجرة بحياة الآخرين ببيع الإطارات المقلدة التي قد تتسبب في كوارث لا تحمد عقباها، مضيفا أنه لا يريد أن يشعر بالندم إذا ما تسبب ولو بطريقة غير مباشرة في أذى الآخرين. ويضيف: من يبيع تلك الإطارات، يرتكب جرما في حق نفسه وفي حق الآخرين، لأنه ببيعه لها قد يتسبب في وقوع حوادث. ويقول هشام عبدالملك، سائق: ليس كل من أقدم على شراء الإطارات المقلدة يعني أنه غير مقتدر ماديا، المشكلة تكمن في البخل والحرص الشديد من قبل بعض السائقين الذين يشعرون بفرح غامر حين يوفرون ريالات قليلة، ولا يفكرون مطلقا بالكوارث التي يمكن أن تقع، ولا يبالون بالأذى الذي يمكن أن يلحق بهم أو بأفراد أسرهم وبالآخرين، وبعضهم يعض أصابع الندم حين تقع حادثة بسبب انفجار الإطار، أو حين تلحق بسيارته تلفيات كبيرة، وبعضهم قد يدفع هو أو بعض أفراد أسرته حياته ثمنا لهذا التقتير. ويبرر علي قاسم، عامل بنشر في أحد المحال في جدة، أن الإطارات المستعملة لها زبائنها الذين تدفعهم ظروفهم المادية لشرائها، موضحا أن غالبيتهم من المقيمين، والزبون يدرك أنها غير جيدة، ونؤكد له ذلك خاصة أن سعرها يتراوح بين 40 و100 ريال، وتختلف الأسعار من محل لآخر، وعن ما إذا كان يقبل هو أن يستخدم تلك الكفرات المقلدة اكتفى بالقول «للضرورة أحكام». خارج المدن يؤكد حمد القاضي أن بيع الإطارات المستعملة يحقق للعمالة الوافدة هامش ربح كبيرا، كون الإطارات المستعملة تباع في تشاليح السيارات ومراكز خدمة الإطارات بأسعار زهيدة، ما يتيح لتجار الإطارات المستعملة من الوافدين مضاعفة المكاسب المادية بعد غسلهم لها وتهيئتها للبيع لتبدو وكأنها جديدة أو على الأقل صالحة للاستعمال، مضيفا أن ذلك يستدعي وضع الأمر في دائرة الاهتمام من جديد عقب تنامي ظاهرة بيع الإطارات المستعملة في القرى والهجر النائية، وذلك من أجل حماية المستهلك وتوعيته من هذا الاستغلال المتعمد من قبل عمالة لا تفكر إلا بالربح، بعيدا عن أي قيم أو رادع من ضمير، فكم من أرواح أزهقت بسبب مثل تلك الإطارات القديمة!. ويقول بندر خالد الزهراني إنه يشاهد الكثير من سيارات النقل وهي تشحن الإطارات المستعملة لبيعها خارج جدة، مشيرا إلى أن أكثر النوعيات المباعة هي ما يستخدم في سيارات الدفع الرباعي والنقل، نظرا لكثرة استخدامها في المناطق الوعرة غير المعبدة. منع البيع من جانبه أوضح مصدر في فرع وزارة التجارة في جدة أن هناك لجانا تراقب محلات بيع الإطارت وطرق تخزينها، ومصادرة غير الصالح منها، والتركيز على المواصفات القياسية التي سبق إعلانها. وأشار في هذا السياق إلى أنه سبق لوزارة التجارة أن صادرت إطارات غير صالحة للاستخدام أو أن مواصفاتها غير مطابقة، وغرم أصحابها بغرامات مالية كبيرة وصلت إلى 100 ألف وأقلها خمسة آلاف ريال. وقال إن أي مواطن لديه شكوى تستقبلها وزارة التجارة وتحيلها إلى اللجان المختصة في مثل هذه القضايا للفصل فيها. وأكد أنه في ما يتعلق بالإطارت القديمة وطرق تخزينها، فإن الوضع في تحسن، والسبب يعود إلى الرقابة المستمرة من وزارة التجارة والتأكد من سلامة تخزين الإطارات في محال بيع السيارت والوكالات.