العلاقة بين الإعلام والقضاء قد يفسرها البعض بأنها علاقة متوترة والمتلطفون يصفونها بأنها غير واضحة. الإعلاميون يرون أن وسيلتهم لا وصاية عليها وأن ليس لأحد أن يفرض رأيا في عدم التطرق لقضاياه وأن لا تمييز لديهم في الشأن القضائي البحت أو الإداري والإجرائي للقضاء. أما القضاء فهو يرى أن التطرق للقضايا المنظورة قضاء يجب أن لا يتجاوز أروقة القضاء وقاعة المحكمة خصوصا حينما يتم تصنيفها لاستنطاق حكم معين أو ممارسة ضغط إعلامي. ومن هنا فإن التعليقات التي يشير إليها البعض بخصوص علنية الجلسات أمر يختلف تماما عن ماهية التناول الإعلامي للقضايا وهي من الأمور التي لازالت محل جدل بين المنظرين الإعلاميين والقضاة وأنصار كل فريق في أنحاء عديدة من العالم. إلا أن من المهم الإشارة إلى وقوع العديد من القضايا التي تم حجب الإعلام عنها بدواعي المصلحة في ذلك والتي كان آخرها قضية سوزان تميم لدى القضاء المصري. بل إن كثيرا من الممارسين للعمل الإعلامي والقضائي يشيرون إلى أن الخطير هو أن تجاوز الدور الإعلامي إلى ممارسة تدخل في نظر القضية مما يؤثر على الحكم لاحقا. بل إن البعض يشير إلى أن ذلك يهدد استقلالية القضاء التي ينبغي أن تكون ذات حماية وحصانة معنوية. ومن المفارقات أن هناك نصوصا صريحة واضحة في نظام المرافعات الشرعية وهي المتعلقة بعلنية الجلسات والتي دائما ما يحاول البعض أن يتكئ عليها والتي نصت «جلسات المحاكم علنية، ويجوز للمحكمة استثناء أن تنظر الدعوى كلها أو بعضها في جلسات سرية، أو تمنع فئات معينة من الحضور فيها؛ مراعاة للأمن، أو محافظة على الآداب العامة، أو إذا كان ذلك ضروريا لظهور الحقيقة.» إن من الخطأ توظيف النقد الهادف لمرفق القضاء على نظر القضايا أمام الجهات المختصة والتي من الضروري أن لا تتسرب جلساتها بطرق مؤثرة على النظر القضائي. وهو ما أشار إليه بعض نصوص نظام المطبوعات التي أشارت إلى ضرورة عدم إفشاء الوقائع في المحاكمات إلا بعد الحصول على إذن من الجهات المختصة. المدرسة الأخرى التي تتعامل مع الإعلام وحتى في القضايا المنظورة بشيء من المرونة العالية ملتقطة نص علنية الجلسات التي يفسره الفريق الآخر بأنها عبارة تحتاج لمزيد من التفصيل المنوه عنه في النظام. المبادرة المهمة التي سعت إليها وزارة العدل في إقامة مؤتمر يتناول العلاقة بين القضاء والإعلام في اعتقادي أنه مهم جدا في ظل الجدلية المحتدمة التي ينبغي أن تخرج حاسمة فيما يتعلق في العلاقة بين المؤسستين. من لطائف هذا الأمر أنني فوجئت قبل عدة أشهر بإحدى القنوات الفضائية تطلب مني المشاركة في تقديم برنامج يتناول قضية منظورة أمام القضاء وأن يتم بيان الرأي القانوني الشرعي فيها من خلال الفضاء التلفزيوني. واعتذرت عن ذلك لأنني لا أعتقد أن التناول للقضايا المنظورة ينبغي أن يخرج عن أطرافها الرئيسية بمن فيهم «المحامون». والحديث في أي وسيلة أو قناة إعلامية عن قضية منظورة لم يتم البت والفصل فيها هو نوع من الجرأة والتجاوز ولعل أبسط دليل على ذلك هو عدم المعرفة الكاملة والدقيقة لمجريات التحقيقات والضبط والأدلة والبينات فهل من المعقول أن يصدر محام أو مستشار رأيا في قضية لم يطلع على تفاصيلها وحقيقتها.؟ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 253 مسافة ثم الرسالة