سجلت تكاليف المعيشة حسب بيانات رسمية صادرة أمس، ارتفاعا ملحوظا بلغت نسبته 4.6 في المائة في فبراير الماضي، مقارنة بنظيره في 2009م. وعزا مختصون سبب الارتفاع إلى غياب القدرة التفاوضية للمستهلكين وضعف الرقابة على حركة الأسعار في السوق المحلية، فيما أشارت المصلحة ذلك الارتفاع إلى الارتفاع الذي شهدته ست من المجموعات الرئيسة المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة في مؤشراتها القياسية وهي على النحو التالي: مجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه 10.6 في المائة، مجموعة سلع وخدمات أخرى 5.8 في المائة، مجموعة الأطعمة والمشروبات أربعة في المائة، مجموعة التأثيث المنزلي ثلاثة في المائة، مجموعة التعليم والترويح 1.1 في المائة، مجموعة الرعاية الطبية 0.1 في المائة. وطبقا للدكتور عابد العبدلي الأستاذ المشارك في الاقتصاد الإسلامي في جامعة أم القرى، فإن الاقتصاد السعودي شهد خلال عام 2008م ارتفاعا في معدلات التضخم نتيجة لارتفاع مؤشرات تكاليف المعيشة للمجموعات السلعية والخدمية الرئيسة، وكانت هذه الارتفاعات نتيجة طبيعية ولأسباب اقتصادية ناتجة من ارتفاع أسعار الطاقة وطفرة أسعار النفط على مستوى العالم، حيث بلغت في ذلك الوقت ذروتها، عندما لامست تقريبا 150 دولارا للبرميل، ما أدى إلى الارتفاع في تكاليف الإنتاج في العديد من القطاعات الإنتاجية، انعكس ذلك على أسعار السلع الرئيسة، ولأن اقتصاد المملكة منفتح بدرجة كبيرة على العالم الخارجي ويعتمد بشكل رئيس على وارداته من أسواق العالم، أدى ذلك إلى استيراد هذا التضخم بجانب العوامل الداخلية مثل ارتفاع الطلب الكلي وزيادة معدلات السيولة النقدية، حيث بلغت ما يقارب 18 في المائة عام 2008م، وكذلك النمو في الناتج المحلي. ولكن مع الانكماش الاقتصادي العالمي نتيجة للأزمة المالية العالمية، والتي أسهمت بشكل كبير في انخفاض حدة الأسعار في العالم، لم يكن لها تأثير كبير على الاقتصاد المحلي، حيث لا تزال بعض مؤشرات المجموعات السلعية تسجل ارتفاعات في المتوسط سواء خلال الفترات الربعية أو الشهرية، وجاء مؤشر مجموعة التأثيث والإيجار في مقدمة هذه المجموعات، حيث سجل ارتفاع بنحو 12 في المائة في يناير 2010م مقارنة ب 2009م، وكذلك الأطعمة بنحو 2.2 في المائة والسلع الأخرى بنحو ستة في المائة. وأشار إلى أن هناك عوامل تنظيمية وراء هذا الارتفاع أبرزها، ضعف ديناميكية قطاعات المجتمع وضعف استجابتها تجاه التغيرات السعرية، لأن هناك قطاعات رئيسة حققت مكاسب وعوائد طائلة من جراء تصاعد الأسعار في 2008م واستمرت إلى ما بعد الأزمة المالية التي صاحبها انخفاضات كبيرة في الأسعار، وكثير من الوكالات التجارية تستورد بأسعار ما بعد الأزمة (انخفاض)، وتعيد بيعها بأسعار ما قبل الأزمة (ارتفاع)، دون أن يكون هناك ردة فعل من طرف قطاع المستهلكين، وهذا بسبب عدم غياب القدرة التفاوضية لدى قطاع المستهلكين، حيث لا يوجد من يمثلهم مثل جمعيات حقوق المستهلك أو الجمعيات الأهلية، وعدم وجود جمعيات تعاونية تمثل بديلا عن منتجات هذه الشركات. وأخيرا غياب الدور الرقابي من طرف وزارة التجارة على الأسعار في السوق. واعتبر الدكتور حبيب الله تركستاني أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، أن الارتفاعات التي رصدتها مصلحة الإحصاءات العامة تعكس الواقع الاقتصادي العام في المملكة، فهناك غلاء واضح في الكثير من السلع الاستهلاكية وارتفاعات مبالغ فيها. وأشار إلى أن أسباب هذه الارتفاعات تتمثل في عدم توافر المواد الغذائية في الأسواق المحلية والاعتماد على الاستيراد، إلى جانب غياب وجود مرجعية تعكس صحة الأسعار من عدمها في المملكة في ظل حرية التسعير التي ينتهجها الكثير من التجار، وعدم القدرة في التحكم بالأسعار، مشددا على ضرورة وجود جهة تكون مرجعية تعطي مؤشرات أن هذه الأسعار والارتفاعات التي تحدث عادلة وفق طرق علمية. وتوقع تركستاني أن لا يكون هناك ارتفاعات في أسعار السلع الاستهلاكية خلال الأشهر الستة المقبلة، وفي المقابل قال إنه لا نستطيع التحكم في الاجتهادات الفردية والسلوكيات الناتجة عنها، مبينا أن أسعار المواد التي تدخل في الصناعات مستقرة. ورصدت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في وزارة الاقتصاد والتخطيط ارتفاعا في مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة في شهر فبراير بلغ ما نسبته 0.5 في المائة، قياسا بمؤشر شهر يناير، حيث سجل المؤشر لشهر فبراير 126.1 مقابل 125.5 لشهر يناير الماضي. وأرجعت المصلحة تصاعد هذه المؤشرات إلى الارتفاع الذي شهدته مجموعتان من المجموعات الرئيسة المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة في مؤشراتها القياسية، حيث بلغت نسب الارتفاع في مجموعة الأطعمة والمشروبات 0.9 في المائةو0.7 في المائة في مجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه. وعلى الجانب الآخر، سجلت المجموعات الرئيسة المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة انخفاضا في مؤشراتها القياسية، حيث بلغت مجموعة التعليم والترويح انخفاضا بما نسبته 0.1 في المائة وتشاركها في النسبة مجموعة السلع والخدمات الأخرى. وسجلت مجموعتان من المجموعات الرئيسة المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة انخفاضا في مؤشراتها القياسية كمجموعة الأقمشة والملابس والأحذية بنسبة بلغت 0.3 في المائة، ومجموعة النقل والاتصالات بنسبة 0.2 في المائة.