يعز علينا أن ننساك رغم مضي ست سنوات على فراقك .. فقد تركت لنا أجمل الذكرى وأعزها .. فقد كنت شهما وكريما ومسارعا لعمل الخير، وحريصا على نجدة الضعيف والمحتاج وترفع صوته وقضيته من خلال جاهك وقلمك وفي (حدود المحبة)، تلك الزاوية التي كنت تكتب تحت عنوانها في مجلة اليمامة، وعلى امتداد عشر سنوات من آخر أيامك المجيدة. لقد أنقذت الكثير من الأفراد والأسر المحتاجة، ونقلتها من العوز إلى حياة أفضل قدر المستطاع فمن لم تستطع أن تقدمه من إمكاناتك توصله إلى من يستطيع إنقاذه وسد حاجته وزرع الأمل بدل اليأس. فلك الشكر على ما قدمت وجزاك الله خيرا على جميع أعمالك الإنسانية الحانية، ولما سعيت لتحقيقه من مشاريع ومرافق في حائل وغيرها. لقاؤك .. ومجلسك الدائم حيث يلقاك من له حاجة، وليس له قلم أو لسان .. ومجلسك المفتوح للجميع كل ليلة، وبالذات بعد مغرب أيام الجمع التي اعتاد أصدقاؤك على زيارتك فيها مستمر بعد مغادرتك إلى رحمة الله فابناك الوفيان أحمد وخالد على عادتك في استقبال أصدقائك، وإحلالهم المحل اللائق بهم كما كنت تفعل .. وما زالت ذكراك عطرة في كل مجلس. أتذكر قبل رحيلك بثلاث سنوات عندما كنا بصحبتك في جدة، حيث دعيت من قبل الشيخ عبد المقصود خوجة لتكريمك في إثنينيته، وقد اخترتني مع الصديقين فهد السلمان ومحمد السيف لرفقتك، وما لقيته من تكريم وترحيب يليق بك، لقد احتفى بك أيضا الأستاذ محمد سعيد طيب في ثلوثيته، وكذا كل من الدكتور محمد عبده يماني والدكتور عبد الله مناع والأستاذ محمد عبد الواحد وغيرهم عندما تحلقوا حولك في أحاديث وذكريات جميلة لا تنسى، ومنها بداية علاقتك بالصحافة، إذ كانت علاقتك بالصحافة منذ وقت مبكر فقد كنت مراسلا لجريدة المدينةالمنورة عندما كنت مقيما وتعمل في مسقط رأسك حائل من عام 1369ه، وكنت ترسل أخبار المنطقة لنشرها في الجريدة، مما أوقعك تحت طائلة المعاقبة لنشرك أخبارا لم يسبق أن نشر مثلها وقد استدعاك مسؤول إداري وهددك بالسجن لو أرسلت أخبارا مماثلة للجرائد .. ولهذا نجد عثمان حافظ يقول في كتابه (تطور الصحافة في المملكة ج2 جريدة المدينة: «.. إن إمارة حائل قد كتبت تناقشهم مرة في أخبار نشرت عن حائل، وتطالبهم ألا ينشر في الجريدة إلا ما يصلهم منها ..». وأتذكر وأنت تخرج من الفندق في جدة برفقة الأخ محمد السيف وقد أحسست باختلال توازنك وسرعة دقات قلبك فسقطت على الأرض، فسارع رفيقك بنقلك للمستشفى .. والحمد لله فقد عدت معه .. وكانت هذه علامة أو إشارة لما سيأتي فيما بعد، حيث اكتشف الطبيب حاجتك لعملية في القلب – وتم ذلك مما ضاعف من آلامك وبقيت سنة وبضعة أشهر وأنت تراجع المستشفيات ويستضيفك بعضها لأيام .. فأصبح منزلك ملتقى ومحجا لمحبيك وما أكثرهم .. وأخيرا تضاعف عليك الألم فشددت الرحال إلى دولة الإمارات وإلى لبنان بحثا عن ما يمكن إنقاذه، وعن علاج لآلام بدأت تتولد من جديد .. وكان آخر المطاف المستشفى الذي فارقتنا فيه يوم الثلاثاء في تاريخ 22 ربيع الأول 1425ه، والحقيقة أنك مت واقفا شامخا كالنخلة الحائلية الباسقة التي تقضي واقفة. لقد سعدت حقا في زيارتي الأخيرة لمسقط رأسك (حائل) والأخ محمد السيف يأخذني في جولة سريعة في ربوعها لننتهي بشارع رئيسي يحمل اسمك ويخلد ذكراك .. وأنا أتطلع الآن إلى المشروع الذي بدأه نادي حائل الأدبي في جمع مقالاتك ومؤلفاتك وإصدارها لتكون في متناول الجميع .. إن عزاءنا فيك أن وجدنا في أبنائك الثمرة الطيبة لتلك النخلة الباسقة الشماء، فأنسونا شيئا من فقدك، وآنسونا بعد وحشتك، فبارك الله فيهم، وجعلهم خير خلف لخير سلف.. وأنت ياصنو الروح وشقيقها.. نم قرير العين .. فرحمة الله عليك. وإلى عليين مع الشهداء الصالحين ! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة