حريق النادي الثقافي في الجوف سابقة سيئة تستوجب الدراسة، وتفتح الباب أمام وزارة الثقافة والإعلام لمناقشتها وحوار التنازعات المطروحة التي خلف هذا الحريق، الذي أعتبره شخصياً حريقاً للثقافة نفسها، إن تاريخ الأندية الثقافية في المملكة شهد صراعاً وتأزماً لا داعي له أفقد الأطراف المتنازعة عقولها؛ لأن التنازع صورة غير حضارية، إن الأندية الثقافية تحمل الهوية الوطنية التي تتسع لتباين الأطياف الفكرية بعضها يتلاقى مع بعض أو تتقاطع فتحكمها وتنسق فيما بينها إشارات الأخضر والأحمر فتحفظ الجميع من حوادث المنازعات والصراعات، والنادي الواحد يسع لمحاضرات وندوات ولقاءات متباينة في الطرح والموضوعات، وليس للون واحد أن يفرض نفسه على النخب الثقافية، وليس الأندية مكاناً لمحاضرات وندوات مخصصة، إنما هو لقاء لصياغة الأدب وصناعة الأدباء وللمسامرة في كل ما من شأنه الرقي الحضاري الأدبي؛ أي أنها متخصصة في المجال الثقافي، إن من المتوقع من الأندية الأدبية أن توجد حراكاً وطنياً تتبادل فيه الخبرات فيما بينها بل أبعد من ذلك أن تكون حاضرة عالمياً فلماذا لم نسمع يوماً أن نادياً أدبياً حاضر فيه أديب أوروبي أو روسي أو حتى عربي أو مسلم من خارج الوطن وينتقي لذلك من تحترم حروفه وكلماته ثوابت الدين وأبعاده. إن الأفكار التي حرقت النادي هي الأفكار ذاتها التي أقصت تقدم الأندية محلياً وعالمياً، وإن تجربة نادي جدة الأدبي حققت نجاحاً كبيراً بإحتوائها أطيافاً متعددة من الوطن وبرامجها تتنوع فيها أطروحات الأدباء، والكل يسمع للكل والحوار والنقاش تجاوز المعوقات إلى واقع ثقافي يمكن أن يكون له دور كبير في المجتمع وهذا هو المنتظر من الأندية الأدبية، لا الانشغال في معارك وهمية كما حدث في نادي الباحة واليوم في حريق نادي الجوف. إن حركة تصحيحية وإصلاحية يحتاجها الوطن لتلك الأفكار، وفي ظني القاصر، أن الزمن كفيل بإزاحة الغبش عن تلك العقول التي أظن أنها أقرب لمرحلة الحماس والشباب وبعيدة كل البعد عن الحكمة والعقل الرشيد الذي كلما زاد في العمر صقلته الأيام للاستجابة للحوار وقبول الآخر. إنني أقترح في هذا الوقت بالذات على مسؤولي الأندية الثقافية في المملكة قبول تعدد وجهات النظر وفتح البرنامج الثقافي لطرح الأفكار الثقافية والأدبية خاصة الشابة منها، والحرص على أن تمثل هذه الأندية هوية الوطن ودينه بعيدة كل البعد عن كل ما يسيء لثوابت الأمة، وأن الحماية في هذا من مسؤولية الوزارة، وفي الوقت نفسه عدم السماح لأي «فاعل خير» بأن يتعدى حدوده في التطاول على أي أديب أو شاعر بالتهم الغوغائية لتحديد مآرب أو عن حسن نية لكنها لم تتبين الطريق. إن الوطن اليوم هو وطن الأندية الثقافية، وإن الحريق في أي ناد هو حريق للأندية كلها وحريق للوطن نفسه، وغير مسموح لأية أفكار مهما بلغت حجتها أن تلعب بالنار، فحريق الحروف والكلمات ليس كأي حريق. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 120 مسافة ثم الرسالة