شاب في الثامنة والعشرين من عمره، لن أذكر لكم الجهة التي يعمل فيها ليس لأنها جهة (سوبر ستار) بل هي على العكس من ذلك تماما ولكنني أجد في تحديد جهة العمل تمييعا لهذه القضية التي يمكن قصها ثم لصقها في أي دائرة حكومية فتتكرر القصة بكل تفاصيلها مع اختلاف بسيط في اسم بطل القصة وطبيعة عمله. صاحبنا يعمل في شركة متعاقدة مع هيئة حكومية بارزة، وثلاثة أرباع مشاكلنا اليوم تكمن في عقود التشغيل، حيث يعمل المواطن في دائرة حكومية دون أن يكون موظفا فيها، بل يتم استئجار طاقته البدنية والذهنية من الشركة المشغلة، وهو واحد من عشرات الشباب الذين تم تكليفهم من قبل هذه الهيئة الحكومية بتصنيف أعمال بعض الشركات والمؤسسات العملاقة التي تم الترخيص لها بممارسة هذا النشاط أو ذاك. راتبه (3000 ريال) فقط لا غير، وحقوقه الوظيفية معلقة في الهواء (لا تقاعد ولا ضمانات ورهان دائم على الحظ) يذهب بسيارته الخاصة يوميا إلى هذه المؤسسات العملاقة ويفحص ملفات تتعلق باستثمارات بمئات الملايين، يتلقى عروضا ناعمة تتسلل مع فتحات التكييف (الذي لا يتوفر في سيارته) بأن يخرج من قاعة الاجتماعات وهو يحمل في جيبه ما يعادل رواتب سنتين مع وعود بتوظيف كافة أفراد قبيلته!. ولكنه يخاف الله ويحب وطنه، لذلك يعود إلى بيته يوميا وقد غسله العرق بسبب المكيف (الخربان) في سيارته البائسة، ليجد في انتظاره زوجته التي لم تجد وظيفة منذ سنتين فتمطره هذه المرأة المحبطة بسيل من الطلبات التي يحتاجها ابنهما الرضيع، ثم تلومه على تفريطه في الفرص الرائعة التي لو استغل واحدة منها لانتشل أسرته الصغيرة من قاع المجتمع: (إذا مهو علشاني .. علشان ولدك، ولا تبغاه يترعرع في قاع المجتمع ؟!). قبل عام كان راتبه ( 3200) ريال، ولكنه تهور وشارك زملاءه العاملين في الشركة المشغلة في التوجه إلى وكيل تلك الهيئة الحكومية وشرحوا له معاناتهم مع الشركة المشغلة، فتعاطف هذا المسؤول معهم، وأكد لهم أنه لن يسمح بتجديد عقد هذه الشركة ما لم يكن راتب الواحد منهم (5000) ريال على الأقل، خصوصا وأنهم يحملون شهادات جامعية وعرف عنهم التفاني في العمل. حين تم تجديد عقودهم السنوية طارت مائتي ريال من الراتب عقابا لهم وردعا لأمثالهم!، قبلوا جميعا بهذا العقاب الجماعي باستثناء شاب واحد قدم استقالته احتجاجا على هذا الإجراء، وقبل أن يلملم زميلهم المستقيل أغراضه ويذهب إلى الشارع ترك لهم ورقة كتب عليها: (وصيتي لكم يا شباب .. اتغدوا كويس ..لأن ما فيه عشاء!). [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة