صديقي .. أمس الأول كان من المفترض أن أكون في طائرة الخطوط السعودية المتجهة من الرياض إلى جدة على رحلة «1081»، التي ستقلع في العاشرة ليلا، وكنت كعادتي بعد أن تعلمت درس ما الذي يعنيه أن تصل قبل رحلتك ب 45 دقيقة، فتجد حجزك طار، قد وصلت لمطار الملك خالد الدولي في الثامنة؟ قدمت أوراقي للموظف المتجهم الذي لا يبتسم إلا لأقربائه وأصدقائه ومن لديهم واسطة ويعاملهم ببشاشة، صوته الحاد جاء كصرير في أذني وهو يقول: «فين رايح»، أخبرته إلى أين، فوضع بقسوة التذكرة وهويتي على «الكاونتر»، ولم يقل لي: «رافقتك السلامة أو رحلة سعيدة أو توصل بالسلامة، مع أن وصولي بالسلامة يعني وصول طائرتهم بالسلامة أيضا»، لم أعلق ربما لأنه لا يحق لي المطالبة بابتسامة أو تمني بأن أصل سالما، فأنا لا أمت بأي صلة للموظف. لماذا يا صديقي يتعامل ذاك الموظف معي وكأنه يتصدق علي، إذ يرمي تذكرة الصعود «الكاونتر»؟. دعست على السؤال بقدمي حتى لا يراه أحد فيلغى حجزي ومضيت للداخل، بالداخل كان ذاك الرجل الذي يقف أمام الجهاز الذي يبتلع الحقائب ليعيرها من الداخل متجهما لأسباب لا أعرفها، لكنه آلمني وهو يشوح بيده قبل أن يقول: «هيي من هنا»، كان يمكن له أن يقول لي: لو سمحت تفضل من هنا، ولن أطالبه بأن ينهي جملته يا أستاذ، لكنه لم يفعل ولم يشعرني بإنسانيتي، ولم أعد أفرق بيني وحقيبتي المنسية على السير. ولأني مواطن بسيط جدا، وبلا واسطة لم أعترض لنفس الخوف الأول فلا أذهب لبيتي في جدة هذا المساء. جلست أتسكع بالنظر إلى المسافرين وأحدد من لديه واسطة ومن هو مثلي لا يعرف أحدا، كنت أعتمد في تقييمي على الابتسامات، وكانت الابتسامات على وجوه المسافرين قليلة، والوجوه الحزينة والمحايدة كثيرة، شعرت بشيء من السعادة لأني لست أقلية، والموت مع الجماعة رحمة. في 9:15 ليلا وحين لم يعلن عن رحلتنا، ذهبت لأسأل عن موعد رحلتي، فقال لي موظف آخر متجهم: «الرحلة تأخرت إلى 11:30»، ولم يعتذر عن التأخير. في الواحدة فجرا أقلعنا، ولم يتأسف أحد على التأخير، حتى ذاك الشخص الذي كان يمزق التذاكر لم يقل «آسفين على التأخير، ولا حتى رحلة سعيدة». صديقي .. لماذا لا أشعر بإنسانيتي في المطارات، مع أنني واحد ممن يدفعون رواتب أولئك المتجهمين الذين يعاملونني كما الحقيبة، إذ يقول أحدهم: «هيي من هنا»؟. التوقيع : مواطن [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة