\" ظلم السعودية \" •بعد عناء بالغ الشدة.. وطول انتظار ممل دام لأكثر من نصف يوم قضيناها بين جدران مطار الملك خالد الدولي بالرياض في صالة المغادرة, حفظنا ألوان الأعمدة عن ظهر قلب، و اكتشفنا نوعيات \"السيراميك\" المستخدمة في الأرضيات ،وسئمنا من صلابة المقاعد التي لاترحم فقرات الظهر ،وأدينا فروض الصلوات في مصلى المغادرين فرضا تلو الآخر ونحن لم \"نغادر بعد\"!! وتأملنا في ممرات الصالة المكتضة بأنواع البشر، رأيت المريض والمعاق والعجوز والمسن وصاحب الموعد الهام وأشفقت على أمهات حملن هم أطفالهن وهم تأخير الرحلة \"المشؤومة\" والتي انتهت بالإلغاء بعد أن \"طفشنا\" جميعا من الجملة الشهيرة: \" نرجو الانتباه..تعتذر لكم الخطوط الجوية العربية السعودية عن تأخير موعد إقلاع رحلتها رقم 1695 والمتجهة إلى \"أبها\"بسبب سوء الأحوال الجوية\" . • لم نسمع عبارة تلطف المشاعر بعد إعلان هذا التأخير، ولم يأتنا أحد من \"السوبرفايزرات\" ليخبرنا بنظام \"السعودية\" المتبع في مثل هذه المواقف! بل إن المشهد الواقع الذي رأيته أمامي هو ملاحقة الركاب وتعلق آمالهم بتوجيه الأسئلة لكل من يرونه ماراً يرتدي \"بدلة الخطوط\" فينسحب من الموقف وكأنه لاينتمي لهذا الأسطول, ويرمي بالأمر على آخر قائلا: ابحثوا عن مشرف الرحلة ثم استفسروا منه!! موظفون مفتقدون لروح الفريق الواحد الحامل لنفس الشعار، لم يكلف أحد من المشرفين نفسه ليأتي ولو للحظات فيأخذ بخواطر الركاب اليائسين، ويطمئنهم ويعرض عليهم خدمات الأسطول الجوي العريق لمن اختاروهم، وفضلوا السفر عبر رحلات \"السعودية\"، وكأن التجاهل والاستعلاء ومبدأ \"احمدوا ربكم إنكم لقيتوا حجز\" هو السائد، وهو كذلك لأنك حتما \"عزيزي المسافر\" إذا ماراودتك فكرة السفر إلى أي مدينة من مدن وطننا الغالي خاصة في نهاية الأسبوع فإنك ستلجأ إلى \"معارفك- الواسطة \" بدلا من الاتصال على الرقم الموحد للحجز\" الذي لايسمن ولايغني من جوع\" , وإن كنت أحد المحظوظين وقاموا بالرد عليك لضغط المكالمات الهائلة - كما يدعون- ،فإنك ستواجه بأحدهم يقول لك على عجل: \" معليش ياخوي كل الرحلات مقفلة أول إمكانية ok بعد 6 أيام من موعد سفرك \" ، \"وياحليل إللي ماعنده واسطة\"، وبحسب موظف خلوق في إحدى قطاعات المطار يحكي لي \"شخصيا\" مايراه من مآسي دائمة أمامه فقال لي: أنا أعمل في هذا المطار منذ 20عاما و لم يتغير شيئ على مر السنين !! وألاحظ بحكم اطلاعي وخبرتي مع المسافرين أن رحلات أبها وبعض رحلات الشمال هي صاحبة النصيب الأكبر من التأخير، بل إن أحيانا والركاب مستعدون في صالة المغادرة والطائرة أخذت مكانها أمامهم يُعلن فجأة تأخير الرحلة ثم تختفي الطائرة عن الأنظار ولانعلم أين تذهب!!! إنتهى حديثه.. • هنا أتذكر تصريح \"السعودية\" والمشدد فيه على عدم التراجع عن قرار فرض غرامات مالية على المتخلفين عن السفر عبر الرحلات ، وأوجه سؤالا هو نفس السؤال المطروح في مجلس الشورى للمهندس \"الخلوق\" خالد الملحم المدير العام للخطوط السعودية: إذا فرضتم يامعالي المدير على هذا \"المواطن الضعيف\" هذه الغرامة المالية، فمن يفرض على \"السعودية القوية\" غرامة تأخير رحلاتكم ؟ من يعوض هؤلاء الناس؟ من ينطق بلسانهم؟ من يعطيهم حقوقهم \" حسب اللوائح والأنظمة\"؟ لماذا أصبح السفر \"بالواسطة\"؟ ماهذه الأزمة الدائمة؟ • كانت الرحلة ستقلع عند الرابعة عصر الجمعة الماضي 15مايو 2009 ثم أعلن خبر تأخيرها لنصف ساعة فقط، ثم ساعة أخرى، فنصف ساعة إضافية، حتى وصلت إلى السادسة والنصف مساء، ثم أعلن مسؤول الرحلة تأخيرها حتى الواحدة والربع ليلاً قائلا للركاب المتكدسين حول \"الكاونتر\" وأنا أحدهم: \" روحوا ياجماعة توكلوا على الله وإرجعوا لنا الساعة 11:30 ليلاً عشان نشوف وشو الموعد الجديد\"، أين احترام الركاب إذا كان الخطأ من الخطوط السعودية؟ أين التعويض النفسي؟ أين البدائل؟ أين الاستعداد لمثل هذه المواقف؟ أين إيواء العملاء ونقلهم واحتضانهم وتوفير سكنهم؟ أين فكر \"المهندس\" التجاري عن موظفيه؟ أين الابتسامة؟ كيف حل عبوس الوجه بديلا عنها!! كيف سادت جلافة ألفاظ الموظفين مع الركاب \"المساكين\" وكأنهم مخطئين؟؟ كيف تأوي \"الخطوط\" نقودنا (بكل دقة) ولا تأوي دافع هذه النقود (بربع دقة)؟ أين مبدأ العدل والإنصاف؟ مارأيته بعيني هو تطبيق لمقولة \" حكم القوي على الضعيف\"، الحاكم هو الجلاد في نفس الوقت، ولاحول ولاقوة!! • هنا نتحدث كركاب متأخرين مراقبين لأوضاع المطار في تلك الليلة , نبحث عن أي معلومة قد تتعلق بموقفنا فاجتمعت المعلومات واتفقت المصادر التي أطلعتنا على إقلاع طائرة \"ناس\" (المنافس الغير منافس) إلى أبها عند 9 م ، في الوقت الذي نقبع فيه نحن المسافرون في انتظار موعد جديد لرحلتنا المتأخرة ومازال إعلان السعودية على حاله يدّعي أن سوء الأحوال الجوية هو السبب!! والعجيب أن رحلتين تابعتين للخطوط السعودية غادرت إلى أبها عند 11ليلا و 12ليلا تقريبا، بحسب موظف المطار نفسه!! وأصحاب رحلة الساعة الرابعة عصرا مازالو ينتظرون الأمل وساعتهم تشير إلى قرب 12:30 ليلا ،حتى تم الإعلان أن الرحلة قد ألغيت وأصبح رقمها الجديد 2025 وإقلاعها عند الواحدة والربع ومضت عقارب الساعة حتى الثانية والنصف فجرا، ولم نسمع شيئا عنها ولم تعلن للركاب أي كلمه عبر مكبر الصوت حول أوضاعها !! حتى جاء أحدهم ليفتح البوابة رقم 32 معلنا بهدوء ركوب الطائرة، التي أقلعت في تمام الساعة 3:34 فجر السبت.. بعد مماطلة وسوء سلوك دام يمارس منذ دخولنا المطار بعد صلاة الجمعة حتى أقلعت فجر السبت .. • دخلنا إلى الطائرة التي يسمونها \"الماصورة\" ضيقة الممرات منحشرة المقاعد غير مخصصة للشخص البدين ولا طويل القامة!! تدخلها فتحنُّ لطائراتنا \" المرحومة السابقة\" والتي لانعلم أين اختفت؟؟ حينما دخلنا تعجبنا من خلو قرابة نصف المقاعد!! بعد أن كانت هذه الرحلة تحديدا لاتقبل حتى قائمة الانتظار لامتلائها!! ترى أين الركاب الغائبون؟ هل اختاروا طريق البر؟ أم أن الثقة انعدمت بالناقل فألغوا فكرة السفر؟ ياترى هل أصابهم مكروه؟؟ أين هم عن مقاعدهم؟؟ من يتحمل المسؤولية في مثل هذه الحالات؟؟ ولو أصابهم مكروه - لاسمح الله - فهل سيعترف \"موظف الرحلة\" الذي قال لهم بعد المغرب : \"روحوا ياجماعة وإرجعوا الساعة 11:30 ليلاً \" بأنه هو السبب ؟؟ ** مشاهد وقفشات مؤلمة : - أب في الأربعين من عمره يرفع ابنه المعاق ليجلسه على الطاولة أمام موظف المطار بعد أن تجاهله قائلا ودمعته تسيل على خده : ياخي إذا ما رحمتني \" ولاعبرتني\" فارحم هذا المسكين ياناس خافوا الله.. - المصلّى انقلب مكاناً للنوم , وتكدُّس النائمين .. - أغلب الركاب اجتمعوا حولي و قالوا لي : ياصلاح تكفى \" الله يرحم والدينك\" إعمل حلقة في برنامج 99 عن هذه المهزلة . - على مدى 14 ساعة انتظار، لم نر وجبة واحدة من \"السعودية\" تقدم للركاب فتوجهوا إلى مطعم الصالة الذي أرهقهم مادياً بأسعاره الباهظة . - شيخ مسن على عربة متحركة سئم الانتظار وافتقد الاهتمام والاحترام فاستقبل القبلة ورفع يديه إلى السماء يدعو!! \"على أحد\" أم \"لأحد\" الله أعلم. صلاح الغيدان مقدّم برنامج 99