كل شيء يتغير في هذا العالم ما عدا شيئا واحدا ألا وهو (الطاقة) التي تغذي شرايين الحياة والنماء. ولعل مما يدعو إلى الزهو.. أن الشركة الأولى التي تضخ الوقود في شرايين تقدم وازدهار العالم والتي أرست دعائم إدارة الطاقة العالمية على مدى 75 عاما هي شركة سعودية. وقد لا يعلم بعضنا أن أكبر شركة بترول في العالم من حيث درجة تكاملها وإدارتها.. هي شركة أرامكو السعودية وأنها الشركة التي تدير أكبر احتياطي للنفط ورابع أكبر احتياطي للغاز في العالم. وقد لا يعلم بعضنا أن ارامكو السعودية تعد نموذجا يحتذى عالميا في استحداث تطبيقات عالية التقنية في التنقيب عن النفط واستخراجه بطريقة تحافظ على مخزونات المكامن النفطية وتمدد في عمرها الإنتاجي.. وهي بذلك تقدم لبلادنا وللحضارة الإنسانية الآنية والمستقبلية خدمة لا تقدر بثمن. يدعم هذه التطبيقات مركز الملك عبدالله للدراسات والأبحاث البترولية التابع للشركة وهو مركز بحثي عالمي السمة والإمكانيات. ومن نعم الله التي لا تحصى أن أكبر حقل بترولي في العالم موجود في الأراضي السعودية وهو حقل (الغوار) وأن أكبر حقل بترولي عائم في البحر موجود في السعودية.. وهو حقل (السفانية). وأن أكبر مشروع منفرد ومتكامل لانتاج النفط في العالم ينتج مليونا ومائتي ألف برميل يوميا موجود في السعودية وهو معمل (خريص).. الذي يعد علامة فارقة في تاريخ صناعة البترول العالمية. وفي زيارتنا لهذه الشركة الوطنية العملاقة.. تساءلت عن دورها نحو مسؤولياتها الاجتماعية فكانت الإجابة تستقرئ دورا تاريخيا فاعلا من خلال تشييد مدينة الخبر وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن والكراسي العلمية والمكتبة المتنقلة والبرامج التعليمة والتدريبية وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ودعم الجمعيات الخيرية. قلت.. ولكننا نتطلع إلى إسهام مستقبلي يليق بعالمية الشركة.. فكانت الإجابة بالكشف عن مشروع حضاري ضخم مسماه (مركز الملك عبدالله للإثراء المعرفي).. وهو منارة للفكر والمعرفة والتواصل الحضاري وضع خادم الحرمين الشريفين حجر أساسه في مايو 2008م وينتظر الانتهاء من تشييده في عام 2013م.. ويضم متحفا وحدائق تعليمية ومراكز ابتكار وواحات استكشاف وبنوك معلومات ومباني ذكية وقاعات إلكترونية بمقاييس عالمية.. المركز باختصار سيكون مركز إثراء.. صرحا عالميا بارزا يجسد انطلاقة المجتمع السعودي في المشاركة في صياغة الحضارة العالمية وفي عصر المعرفة بإذن الله تعالى. إن النجاح المبهر لشركة أرامكو.. يجسد قدرة الإنسان السعودي على الحضور المميز عالميا فرئيس الشركة وقياداتها و48 ألف موظف من مجموع 54 ألفا هم سعوديون. فلذلك النجاح على المستوى العالمي دلالات على أن الإنسان السعودي قادر على المقارعة التنافسية على المستوى العالمي متى ما توفرت له البيئة المناسبة للابداع.. قادر على أن يكون بمقاييس العالم الأول واقتحام الصدارة فيه.. كما تعكس قدرته على توطين التقنية العالمية الحديثة. ولا ريب أن نجاح شركة أرامكو لم يكن ليتحقق لولا توفيق الله سبحانه وتعالى أولا وأخيرا ثم سياسة الدولة ودعمها.. وهذا ما أكده خادم الحرمين الشريفين حين قال: «لقد هيأت سياسة الدولة لشركة أرامكو ظروف نجاح وتميز بمنح الشركة المرونة اللازمة لوضع الخطط لتنطلق في توطين التقنية والاستفادة من الخبرات الدولية». وأخيرا.. يكفى الشركة ومنسوبيها ما جاء في مضامين كلمة خادم الحرمين الشريفين بمناسبة مرور خمسة وسبعين عاما على إنشاء الشركة حين قال: «أقول.. بعد شكر الله.. شكرا بعدد لحظات خمسة وسبعين عاما لوقود التنمية الوطنية مادة وإنسانا.. شكرا أرامكو رجالا ونساء جيلا فجيلا».