مسألة أن يكون شخص أو جهة خصما وحكما في آن واحد قضية غير عادلة، سببت كثيرا من الظلم وضياع الحقوق. إنها ثقافة إدارية وقانونية رديئة تنتشر لدينا منذ زمن طويل، لم تراجعها الجهات المعنية بتشريع الأنظمة والقوانين، ومنها مجلس الشورى، إلى الآن.. ما الفائدة حين يتظلم شخص من إدارة معينة أو يشكو مسؤولا فيها، فتقوم الوزارة بتحويل الشكوى وإعادتها للإدارة ذاتها لكي تحاكم نفسها، وللمسؤول كي يحقق مع نفسه.. لقد أصبح المسؤول يضحك بصوت عال عندما يسمع أن أحدا سيشكوه، لأنه يعرف النتيجة، ومتأكد أنها بيده في النهاية.. وقد كانت هذه الإشكالية محور تساؤلات في حادثة دار فتيات مكة، إذ كان لابد من العجب حين تكون الجهة المسؤولة عن الدار هي المكلفة بالتحقيق في الحادثة، إنهم بشر، مهما كانت نزاهتهم وأمانتهم فمن الصعب أن يدينوا أنفسهم أو يشيروا إلى إدارتهم ووزارتهم بالتقصير، كنا نعرف أن خللا ما لابد أن يعتري سير التحقيق، وها هي صحيفة «عكاظ» تثبت لنا ذلك عندما جاء عنوان صفحتها الأولى يوم أمس: «لجنة محايدة لإعادة التحقيق في شغب دار فتيات مكة»، وفي تفاصيل الخبر أن الأمير خالد الفيصل بعد اطلاعه على التقرير النهائي وجه بتشكيل اللجنة، بعد أن قارن التقرير ببعض الحيثيات التي يعرفها. كما أشار الخبر أن وزارة الشؤون الاجتماعية أجرت تعديلات لسبع مرات على التقرير النهائي في محاولة لتفادي الملاحظات التي قد تتحمل الوزارة المسؤولية المباشرة عنها.. إن هذا الخبر لا يكفي أن يكون دليلا قاطعا ضد الوزارة نستطيع إشهاره في وجهها كإدانة لها، ولكنه يدل على أن أي وزارة لا يمكن أن تكون ملائكية إلى حد إدانة نفسها ومسؤوليها. وحين يأتي مسؤول ذكي ومنصف كالأمير خالد الفيصل فإنه لابد أن يتوقف عند التناقضات والمفارقات، لأنه لا يريد طي ملف القضية كيفما كانت، بل هو يبحث عن العدل وإثبات الحق ومحاسبة المقصرين. لقد كان حريا بوزارة الشؤون الاجتماعية أن تخفف من نسبة تواجدها في اللجنة، أو تعتذر نهائيا عن التواجد فيها، ولكنها إفرازات ونتائج مفاهيمنا وأساليبنا الإدارية الصدئة الي سمحت للوزارة أن تكون الخصم والحكم.. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة