مازالت مشاهد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، راسخة في ذاكرة الفلسطينيين رغم مرور ما يقارب عام عليها، تلك الحرب التي أحدثت دماراً شاملا وكأن زلزالا ضرب القطاع، فالبيوت الفلسطينية أصبحت إما مدمرة بالكامل أو صامدة ترفض السقوط، ولكنها بأية حال لا تصلح للسكن، والأراضي الزراعية أصبحت أكوماً من التراب لا يعرف أصحابها حدودها. فمنذ أن انتهت الحرب الإسرائيلية العنيفة على قطاع غزة، لوحت دولة الاحتلال بحرب جديدة على القطاع لاجتثاث ما أسمته العمليات التخريبية، وتقصد بها إطلاق الصواريخ من القطاع على بلدة سيدروت و غيرها من البلدات المحاذية للقطاع. من الفلسطينيين من يقول إن العملية الآتية سوف يطلق عليها الاحتلال اسم «عملية بكاء الرجال»، ومنهم من يطلق أسماء أخرى. و كل هذه الأسماء إن دلت فإنها تدل على مدى شدة هذه الحرب المقبلة. ويذهب آخرون إلى أنهم سمعوا محللين إسرائيليين يقولون إن الحرب الآتية على غزة مدتها عشر دقائق، وبعضهم يقول إن أهداف الحملة 215 هدفا. المحللون السياسيون والعسكريون والاستراتيجيون يرون أن هذه الحرب واقعة لا محالة. ويبررون ذلك بأن هناك معطيات لها. وأول هذه المعطيات هي التصريحات الأخيرة لمسؤولين سياسيين وعسكريين من دولة الاحتلال، والتي أكدوا فيها وجود أسلحة تصل إلى مسافة طويلة داخل إسرائيل، والتي يتخللها أيضا تهديدات بحرب جديدة على القطاع. رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي غابي أشكنازي صرح أخيرا بأن الحرب على قطاع غزة سوف تكون في فصل الشتاء المقبل. ومسؤول إسرائيلي آخر يصرح بأن الحرب المقبلة سوف تنشب في نفس الميعاد الذي نفذت فيه الحرب الأخيرة على قطاع غزة (في الذكرى السنوية الأولى). وأن هذه الحرب سوف تكون قصيرة جدا. أما أليكس فيشمان، محرر الشؤون العسكرية في صحيفة «يدعوت أحرونوت» الإسرائيلية يقول إنه: «يمكن الافتراض بأن المواجهة ستستأنف بحجم واسع». ولفت فيشمان، المقرب من دوائر صنع القرار في المؤسسة الحربية الإسرائيلية، إلى أن العد التنازلي للحرب المقبلة على غزة قد بدأ بالفعل. وقد نشرت في تل أبيب، أمس، تقديرات جديدة تقول إن حربا ستقع في الشرق الأوسط ربما في الخريف أو الصيف. وأن هذه الحرب باتت حتمية، بغض النظر عن الموضوع الإيراني. وأنها قد تقتصر على هجوم إسرائيلي على حزب الله في الجنوب اللبناني أو حماس في قطاع غزة أو كليهما معا.