يمثل معرض الرياض الدولي للكتاب عرسا ثقافيا عالميا تحتضنه العاصمة الرياض كل عام. وتشهد دورة المعرض لهذا العام التي تنطلق في السادس عشر من الشهر الحالي، تطورا كبيرا في الأنشطة والتجديد لخدمة زوار المعرض. «عكاظ» تابعت مطالب المثقفات والمثقفين من المعرض، وملاحظاتهم عليه خلال الأعوام الماضية، حيث تركزت على أهمية تفعيل دور المرأة في أنشطته، وضرورة ضبط الأسعار، ورفع سقف الحرية، والاختيار الأمثل للدولة الضيفة، وأن «يعاد النظر في القوائم القديمة لتلك الأنشطة من أسماء العشائر الثقافية المشاركة، لتقديم تكافؤ الفرص في المشاركة على تكافؤ النسب الثقافي». قرص حاسوبي رئيس لجنة الشوون الثقافية والإعلامية في مجلس الشورى والاستاذ في جامعة الملك سعود الدكتور عبد الله أحمد الفيفي يرى بداية «أن ظاهرة المعارض الدولية للكتاب، وعلى النحو القائم حاليا، قد تبدو في بعض جوانبها دائرة في فلك عصر غير العصر الذي نعيش فيه، فلماذا تكديس عشرات الكتب الورقية، وخسارة مئات الريالات، وفي الإمكان الحصول على مكتبة كاملة في قرص حاسوبي CD، أو تحميل نسخ PDF منها عبر الإنترنت». ويمضي الفيفي قائلا: «ويزيد التساؤل إلحاحا حين نلحظ ظاهرتين في معارض الكتب العربية بصفة خاصة، أولها أنها لا تعكس بالضرورة حيوية ثقافية حقيقية، بل إن تلك الأسفار الكثيرة والثقيلة التي يحملها كثير من الناس من المعارض التي لا تقرأ أصلا، وإنما تجعل ديكورات في المنازل للوجاهة الثقافية، ثانيهما أن المعارض باتت ساحات معارك فكرية واجتماعية بين الرقابة من جهة، والناشر من جهة أخرى، ثم بين تيارات الجماهير مع بعضهم مع بعض، كما حدث في معرض الرياض الدولي للكتاب العام الماضي». تكافؤ النسب ويستدرك الفيفي ليقول: «لكن على الرغم من هذا، فإن الأنشطة على هامش المعرض تبدو الأهم ثقافيا من المعرض نفسه، وكم أتمنى أن تصبح تلك الندوات والأمسيات أكثر ثقافية وجدية، وأن لا تطغى فيها أهداف الإعلام والعلاقات العامة على الأهداف الثقافية القيمة، وأن يعاد النظر في القوائم القديمة لتلك الأنشطة من أسماء العشائر الثقافية المشاركة لتقديم تكافؤ الفرص في المشاركة على تكافؤ النسب الثقافي». ويتطلع الفيفي إلى أن يشهد المعرض مثل تلك الندوات والأمسيات في جناح المملكة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، «إذ من المؤسف أن تكون ثقافة المملكة خارج المملكة أكثر تألقا وعطاء وثراء منها داخل المملكة. وهنا تتحول الثقافة من غاية في ذاتها إلى مجرد وسيلة إعلامية وتواصلية مع الآخر». ويعتبر «أن تجربة معرض القاهرة المتمثلة في أن يكون للدول المشاركة في المعرض أنشطتها الثقافية المصاحبة هي تجربة جديرة بأن يحتذى، فلماذا لا يتاح للدول المشاركة دور نشرها في معرض الرياض عرض ما لديها من ندوات علمية وفكرية وأمسيات أدبية إذا شاء تقديم ذلك، لأن في هذا إثراء للجميع وخروج من نمطية الندوات المدرسية والمرتجلة من قبيل إقامة ندوة على هامش المعرض حول تجربتهم في القراءة، وكأنها ندوة موجهة للأطفال أو طلبة المدارس». مشاركة المرأة الدكتور منصور الحازمي يطالب «أن يكون للمرأة مشاركة فعالة مع أخيها الرجل في معرض الرياض»، ويقول: «لا بد أن نفخر بالمرأة، فقد وصلت إلى مستوى ممتاز من الثقافة والفكر، وتكون مشاركتها في حدود تقاليدنا!». ويدعو الحازمي لأن يكون هناك تخطيط للندوات الثقافية بشكل عملي ومفيد، مشددا على ضرورة طرح الأسئلة على أصحاب المكتبات من قبل القائمين على المعرض، لأن لهم رأيا في البيع والتوقيت. رئيس نادي الرياض الأدبي الدكتور عبد الله الوشمي، يقول: «معرض الكتاب ليس متجرا لبيع الكتب فقط، وإنما تحول إلى أن يكون موسما ثقافيا وفكريا كبيرا، خصوصا في المملكة، وهذا الموقف يقوله المثقف السعودي ويقوله الناشرون ويقوله الإعلاميون، وذلك لأن القضايا التي يثيرها معرض الكتاب لا تقف عند عدد الدول المشاركة والأسماء المتحدثة في البرنامج الثقافي، وإنما تمتد لتشمل الموضوعات المختلفة والأيام والأنشطة والصدى الذي يشغل الناس والإعلام لفترة طويلة بعد المعرض وقبله». ويرى أن المثقف «يريد من معرض الكتاب ألا يحافظ على النجاحات التنظيمية الكبيرة التي حققها في السنوات الماضية، وإنما أن يبنى عليها، وأن يضيف الجديد والجيد»، معتبرا أن «القائمين على المعرض قادرون عبر أجهزتهم أن يكثفوا من الأنشطة الثقافية، وأن تبتكر الطرق لزيادة الدول المشاركة. كما أن الوزارة قادرة على معالجة موضوع الرقابة والفراغ من إشكالياته، إضافة إلى أن إقامة الشراكات الثقافية مع الجهات المعنية المتعددة كوزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم والمكتبات المتعددة وغيرها». غلاء الأسعار رئيس نادي تبوك الأدبي الدكتور مسعد العطوي يعود بالذاكرة إلى معرض الكتاب السابق، ويتمنى ألا يتكرر غلاء الأسعار في المعرض، «فالمعرض من أجل دعم الثقافة والمثقفين، والجميع عندما يزور المعرض، يبحث عن كتاب يتمنى أن يجده في مختلف العلوم والفنون، وأمنية الزائر أن لا يجد عائقا في بحثه عن الكتاب واقتنائه، وأهم هذه العوائق الارتفاع المبالغ في سعر الكتاب». مفهوم الوصايا الدكتورة حسناء القنيعير أستاذة اللسانيات المشاركة في قسم اللغة العربية في جامعة الملك سعود ترى «أن المعرض يشهد باستمرار إضافات، وبالنسبة للإصدارات فمعظمها موجود». وتتمنى القنيعير «أن تختفي ظاهرة حجب الكتب كليا، فلم تعد سياسة الحجب تجدي، فالحصول على المحجوب سهل جدا في ظل وجود الإنترنت الذي سهل التواصل، كما أن سياسة الحجب لا تليق بعقولنا كمثقفين، فمن حق كل إنسان أن يقرأ، ولا يشترط أن نجد كل شخص يطبق ما يقرأه أبدا، فقد تجاوزنا مفهوم الوصايا، ووصلنا لمرحلة من النضج والوعي واختيار ماذا نريد أن نقرأ، وأيضا إذا نحن حاربنا الكتاب الذي يؤلف ويحوي شيئا من المحظورات فما في هذا الكتاب لا يشكل حتى 1 في المائة مما ينشر في القنوات الفضائية والإنترنت». وتأمل من منظمين المعرض توسيع الممرات، «حيث أنه في أوقات الازدحام تكون ضيقة جدا، ولا تمنح المتصفحين للكتب الأريحية في التصفح من شدة الازدحام». 6 مؤلفات الدكتورة فوزية أخضر مديرة التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم سابقا وعضوة مجلس إدارة الجمعية الوطنية للمتقاعدين حاليا وصاحبة كتب عدة في مجال التعليم الخاص تشيد بمعرض وتصفه بالتظاهرة الثقافية، وتقول: «رغم حبي للمعرض وزيارتي له، إلا أني أشعر بغضب تجاهه، لأنه لم يسبق أن وجهت دعوة لي للمشاركة حتى لتوقيع أحد كتبي التي جميعها تهم ذوي الاحتياجات الخاصة في المملكة، فلدي ستة كتب، آخرها أطلقته في اليوم العالمي للمعوقين بعنوان (مسيرتي والتربية الخاصة لمدة 38 عاما)، ورغم ذلك ورغم ما قدمته للتعليم الخاص على مدى السنوات الماضية، لم أتلق أي دعوه لتوقيع كتابي في المعرض». توقيع قرمزي القاصة نادية الفواز تشارك هذا العام في المعرض عبر توقيع كتابها القصصي الجديد (قرمزي بلون قلبي)، وتقول: «أجمل ما في المعرض تنوع الكتب»، مضيفة أن «مجموعتي القصصية تعتبر الثالثة بعد كتابي (الركض في مساحات الحزن) و(أنا)، واللذين حازا على العديد من الجوائز المحلية في نادي حائل الأدبي وجائز أبها الثقافية، وهناك رواية تحت الطبع بعنوان (وطن لا ينتمي إلي)». وتعتبر الفواز «معرض الكتاب فعلا ملتقى للأدباء والمثقفين»، مشيرة إلى أن «أصداء معرض الكتاب الجيدة كان لها مردود كبير في نفوس الكثير من محبي الثقافة، وأصحاب الفكر والرأي، فالإعلام له دور كبير في نجاح هذا المعرض ومازال». معرض متنقل المستشارة التربوية والناقدة الأدبية الدكتورة مريم أبو بشيت تحلم أن يكون المعرض الدولي للكتاب متنقلا في مدن المملكة، ولا يكون محصورا في العاصمة الرياض. وتؤكد «أن الإعلام له دور كبير في تعريف القارئ عن المعرض، وما يحويه، خصوصا لمن لا يستطيعون الحضور للمعرض والاستفادة منه». وتأمل أبو بشيت أن تكون موضوعات المعرض ثقافية اجتماعية تهم كافة الناس وليست ثقافية متخصصة تعنى بفئة معينة من الأدباء والمفكرين».