** الفقير كالغصن العاري يتوق إلى ما يستره.. وعندما تتساقط أوراقه وأيامه ويزداد بؤسه وعناؤه يحتاج إلى قليل من الأمل والكثير من الصبر. ** وفي حياة الجفاف هذه تأتي الكلمات الواعدة والصادقة فتحيي الأمل في صدر الفقير وتمنحه فسحة من الحلم والترقب والانتظار ويخضر ويورق عوده من جديد.. والفقراء يملؤون الأرض في كل الدنيا.. في أغنى البلاد وأفقرها.. وقد رأيت بعيني الاثنتين في نيويورك.. أغنى مدن العالم بعض الفقراء في حي (هارلم) يأكلون من براميل الزبالة.. ورأيت جرذان الأنفاق في لندن.. يفترشون الأرض.. هربا من الصقيع والبرد.. وآخرين مثل هؤلاء الفقراء في طوكيو وبرلين وباريس وامستردام. في كل بقاع الدنيا يوجد الفقراء. ** ولكن الفقراء في أفريقيا هم أشد الناس معاناة وأكثرهم بؤسا.. وعدوانية عندما يشتد بهم الجوع.. وهذا ما حدث في الكنغو. ** ذات زمن مضى وقف الرئيس موبوتو في إحدى الساحات العامة في عاصمة بلاده مرتديا بزة من جلد النمر وأشار مزهوا إلى مناجم الذهب والألماس في شمال البلاد قائلا: سوف نصبح من أغنياء الأرض بفضل خيرات بلادنا وكنوزها ومعادنها وذهبها.. ولن يبقى فقير واحد على هذه الأرض.. وهدرت الجموع وهتفت (يحيا موبوتو). وعاد النمر الأسود.. يلوح بقبضته في الهواء: لن ينتزع أحد منا خيرات بلادنا.. ثم نثر في الهواء حفنة من تراب أرضه على رؤوس الجماهير المحتشدة.. وزمجر كأسد غاضب.. لن يقف على هذا التراب سوى أهله.. ولن يحوله إلى ذهب سوى سواعدكم القوية. ** وصدق شعب الكنغو موبوتو.. وعملوا ليل نهار في مناجم الذهب.. وفي غابات بلادهم.. ولكن كل ثرواتهم كانت تذهب إلى خزائن رئيسهم.. الذي وعدهم بالرفاه والغنى ولكن لم يغتن أحد سواه وأعوانه. ومضت السنوات وموبوتو يكذب.. والشعب يصبر وينتظر الثروة التي ستهبط فوق رؤوسهم.. وبدلا من أن ينثر الذهب على الجموع نشر الرعب والهلع في نفوس مواطنيه.. واستبد وطغى.. ولوح بعصاه العاجية في وجوه الناس ولكن الشعب الغاضب الجائع.. لم يكترث لا لعصا موبوتو ولا لبوليسه.. ولا لكلابه.. فنزلت الجموع إلى الشوارع في ثورة الجياع الغاضبة.. وحاول قمعها فلم يستطع.. وحاول مهادنتها فلم يستطع. وحاول أن يختفي عن عيونهم حتى تهدأ الأمور فلم يستطع. ** فخرج موبوتو الطاغية مكسورا مهزوما من بلاده ومعه ذهبه وثرواته وكنوزه.. يبحث عن أرض تأويه.. فلم يجد.. لقد ضاقت الأرض.. بكل سعتها عليه، اتجه إلى أوروبا فرفضوه.. وإلى أمريكا فلم يقبلوه.. وإلى جيرانه فنبذوه.. وازداد بؤسه ومرضه.. وأخذ يبحث عن قبر يأويه.. في آخر أيامه.. فأشفق عليه (المغاربة) وحفروا له قبرا صغيرا.. دفن فيه. وتلك عاقبة الطغاة.. في كل أرض. ** لقد كذب على الفقراء.. فأسقطه الفقراء.. وهكذا هي الشعوب عندما تجوع تأكل جلاديها وطغاتها ولا ترحم من لا يرحمها. والعدالة لا تسود في بلد يستبد أغنياؤه بفقرائه.. وأقوياؤه بضعفائه.. وكباره بصغاره.. وأرض بلا عدالة أرض بلا أمان. ولا أزيد. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 254 مسافة ثم الرسالة